للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلّ أمر نيط باثنين فقد انتفى عنه النظام وصحة الترتيب، وأدلة التمانع مذكور فى مسائل الأصول.

«سُبْحانَ اللَّهِ» تقديسا له، وتنزيها عما وصفوه به. «عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ» : تنزّه عن أوهام من أشرك، وظنون من أفك.

قوله جل ذكره:

[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٩٣]]

قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ (٩٣)

يقول إن عجلت لهم ما تتوعدهم به فلا تجعلنى فى جملتهم، ولا توصل إلىّ سوءا مثلما توصل إليهم من عقوبتهم. وفى هذا دليل على أنّ للحقّ أن يفعل ما يريد، ولو عذّب البريء لم يكن ذلك منه ظلما ولا قبيحا «١» .

قوله جل ذكره:

[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٩٥]]

وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (٩٥)

تدل على صحة قدرته على خلاف ما علم فإنه أخبر أنه قادر على تعجيل عقوبتهم ثم لم يفعل ذلك، فصحّت القدرة على خلاف المعلوم «٢» قوله جل ذكره:

[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٩٦]]

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ (٩٦)

الهمزة فى «أَحْسَنُ» يجوز ألا تكون للمبالغة ويكون المعنى ادفع بالحسن السيئة.

أو أن تكون للمبالغة فتكون المكافأة جائزة والعفو عنها- فى الحسن- أشدّ مبالغة.

ويقال ادفع الجفاء بالوفاء، وجرم أهل العصيان بحكم الإحسان.

ويقال ادفع ما هو حظك إذا حصل ما هو حق له.

ويقال اسلك مسلك الكرم، ولا تجنح إلى طريق المكافأة.


(١) لأن أفعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض، إذ لا يعود عليه سبحانه من هذا أو ذاك مصلحة.
(٢) فى هذا ردّ ضمنى على المعتزلة القائلين بإنكار الصفات، إذ يتضح أن صفة العلم متميزة عن صفة القدرة. فالأشاعرة- ومنهم القشيري- حين يثبتون الصفات إنما يثبتون المعاني اللاثقة بذاته، وهى معان وإن تنوعت فليست طوارئ على الذات، وإنما الذات قائمة بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>