للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تعاونوا على تحصيل المقصود بكل وجه من قدر يحط من مال الكتابة، وإعانة لهم من فروض الزكاة «١» ، وإمهال بقدر ما يحتمل المكاتب ليكون ترفيها له.

وإذا كنا فى الشرع مأمورين بكل هذا الرّفق حتى يصل المملوك المسكين إلى عتقه فبالحرىّ أن يسمو الرجاء إلى الله بجميل الظنّ أن يعتق العبد من النار بكثرة تضرعه، وقديم سعيه- بقدر وسعه- من عناء قاساه، وفضل من الله- عن قديم- رجاه «٢» .

ثم فى الخبر: «إن المكاتب عبد ما بقى عليه درهم» : والعبد يسعى بجهده ليصل إلى تحرر قلبه، وما دام تبقى عليه بقية من قيام الأخطار وبقية من الاختيار وإرادة شىء من الأغيار فهو بكمال رقّه وليس فى الحقيقة بحرّ.. فالمكاتب عبد ما بقي عليه درهم.

قوله جل ذكره: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا، وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

حامل العاصي على زلّته، والداعي له إلى عثرته، والمعين له على مخالفته تتضاعف عليه العقوبة، وله من الوزر أكثر من غيره، وبعكسه لو كان الأمر فى الطاعة والإعانة على العبادة.

قوله جل ذكره:

[[سورة النور (٢٤) : آية ٣٤]]

وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤)


(١) إشارة إلى قوله تعالى فى أسهم الزكاة: (وفى الرقاب) وعند الشافعي- رحمه الله- حطوا من بدل الكتابة ربعا.
(٢) للنسفى كلام لطيف يصلح لتوضيح مقصد القشيري حيث يقول: العابد كالعبد فهو يشترى نفسه من ربه بنجوم مرتبة ليسعى فى فكاك رقبته خوفا من البقاء فى ربقة العبودية وطمعا فى فتح باب الحرية ليسرح فى رياض الجنة، فعليه فى اليوم والليلة خمس، وفى المائتي درهم خمسة، وفى السنة شهر، وفى العمر زورة إشارة إلى الصلاة والزكاة والصوم والحج على الترتيب. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>