للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك مبالغة من الملك، والملك القدرة على الإيجاد فالمقدورات- قبل وجودها- للخالق مملوكة، كذلك فى أحوال حدوثها بعد عدمها عائدة إلى ما كانت عليه، فملكه لا يحدث ولا يزول ولا يئول شىء منه إلى البطول.

قوله جل ذكره:

[سورة النور (٢٤) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤)

تعرّف إلى قلوب العلماء بدلالات صنعه فى بديع حكمته، وبما يدل منها على كمال قدرته، وشمول علمه وحكمته، ونفوذ إرادته ومشيئته. فمن أنعم النظر وصل إلى برد اليقين، ومن أعرض بقي فى وهدة الجحد وظلمات الجهل.

ترتفع بقدرته بخارات البحر، وتصعد بتسيره «١» وتقديره إلى الهواء وهو السحاب، ثم يديرها إلى سمت يريد أن ينزل به المطر، ثم ينزل ما فى السحاب من ماء البحر قطرة قطرة ويكون الماء قبل حصول بخارات البحر غير عذب فيقلبه عذبا، ويسحّه السحاب سكبا، فيوصل إلى كلّ موضع قدرا يكون له مرادا معلوما، لا بالجهد من المخلوقين يمسك أو ينزّل، ولا بالحيلة يستنزل على المكان الذي لا يمطره «٢» .

«يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» : وكذلك جميع الأغيار من الرسوم والآثار.. ذلك تقدير العزيز العليم.


(١) ربما كانت فى الأصل (بتيسيره) وكلاهما مقبول فى السياق. [.....]
(٢) نفى الجهد والحيلة من أمارات الاعتماد على التقدير وإسقاط التدبير

<<  <  ج: ص:  >  >>