للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«١»

لما عجزوا عن معارضته أخذوا يعيبونه بكونه بشرا من جنسهم يمشى فى الأسواق، ويأكل الطعام، وعابوه بالفقر وقالوا: هلّا نزّل عليه الملائكة فيرون عيانا؟ وهلّا جعل له الكنوز فاستكثر مالا؟ وهلّا خصّ بآيات- اقترحوها- فتقطع العذر وتزيل عنّا إشكالا؟! وما هذا الرجل إلا بشر تعتريه من دواعى الشهوات ما يعترى غيره! فأىّ خصوصية له حتى تلزمنا متابعته ولن يظهر لنا حجة؟ فأجاب الله عنهم وقال: إنّ الحقّ قادر على تمليك ما قالوا وأضعاف ذلك، وفى قدرته إظهار ما اقترحوه وأضعاف ذلك، ولكن ليس لهم هذا التخير «٢» بعد ما أزيح العذر بإظهار معجزة واحدة، واقتراح ما يهوون تحكّم على التقدير، وليس لهم ذلك. ثم أخبر أنه لو أظهر تفصيل ما قالوه وأضعافه لم يؤمنوا لأن حكم الله بالشقاوة سابق لهم، وقال:


(١) يذكر ابن عباس أنه لم اعبر المشركون محمدا (ص) بالفاقة أقبل رضوان خازن الجنة عليه وقال:
يا محمد، رب العزة يقرئك السلام ويقول لك: هذه مفاتيح خزائن الدنيا مع ما لا ينتقص لك مما عنده فى الآخرة مثل جناح بعوضة فقال النبي: يا رضوان لا حاجة لى فيها، لأحب إلى أن أكون عبدا صابرا شكورا فقال رضوان: أصبت أصابك الله. ورفع الرسول بصره فإذا منازله فوق منازل الأنبياء وغرفهم فدعا النبي: اللهم اجعل ما أردت أن تعطينى فى الدنيا ذخيرة عندك فى الشفاعة يوم القيامة.
(٢) يمكن أن تكون (التحيز) لتنسجم مع (ما اقترحوه) ومع (ما يهوون) ولكننا لا نستبعد أن تكون (التحيز) بالحاء لكثرة جدلهم حول ما ينبغى- فى تصورهم- للرسول.

<<  <  ج: ص:  >  >>