للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدوا السمع- الذي هو الإدراك- ولكن عدموا الفهم، فلم يستجيبوا لما دعوا إليه. فعند ذلك استوجبوا من الله سوء العاقبة.

قوله جل ذكره:

[[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٤]]

وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)

وذلك تعريف له أنهم لا تنفعهم قرابتهم منه، ولا تقبل شفاعته- إن لم يؤمنوا- فيهم. فليس هذا الأمر من حيث النّسب، فهذا نوح لمّا كفر ابنه لم تنفعه بنوّته، وهذا الخليل إبراهيم عليه السلام لما كفر أبوه لم تنفعه أبوّته، وهذا محمّد- عليه الصلاة والسلام- كثير من أقاربه كانوا أشدّ الناس عليه في العداوة فلم تنفعهم قرابتهم.

قوله جل ذكره:

[[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٥]]

وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥)

ألن جانبك وقاربهم في الصحبة، واسحب ذيل التجاوز على ما يبدر منهم من التقصير، واحتمل منهم سوء الأحوال، وعاشرهم بجميل الأخلاق، وتحمّل عنهم كلّهم، وارحمهم كلّهم، فإن مرضوا فعدهم، وإن حرموك فأعطهم، وإن ظلموك فتجاوز عنهم، وإن قصّروا في حقى فاعف عنهم، واشفع لهم، واستغفر لهم «١» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٦]]

فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦)

لا تفعل مثل فعلهم، وكل حسابهم إلينا إلا فيما أمرناك بأن تقيم فيه عليهم حدّا، فعند ذلك لا تأخذك رأفة تمنعك من إقامة حدّنا عليهم.

قوله جل ذكره:

[[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٧]]

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧)

انقطع إلينا، واعتصم بنا، وتوسّل إلينا بنا، وكن على الدوام بنا، فإذا قلت فقل بنا، وإذا صلت فصل بنا، واشهد بقلبك- وهو في قبضتنا- تتحقق بأنك بنا ولنا.

توكّل على «الْعَزِيزِ» تجد العزّة بتوكلك عليه في الدارين، فإنّ العزيز من وثق بالعزيز.


(١) تصلح هذه الإشارة لتكون دستورا فى (الصحبة) بصفة عامة. وللقشيرى فصل في الرسالة في هذا الخصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>