للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يناجى ما التفت أي لم يخرج عن صلاته ولم يلتفت يمينا وشمالا في التسليم الذي هو التحليل «١» .

قوله جل ذكره: «فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ» .

عند ما انقلبت العصا حيّة ولّى موسى مدبرا ولم يعقب، وكان موضع ذلك أن يقول:

حديث أوّله تسليط ثعبان! من ذا يطيق أوّله؟!.

فقيل له: لا تخف يا موسى إن الذي يقدر أن يقلب العصا حية يقدر أن يخلق لك منها السلامة: «يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ» : ليس المقصود من هذا أنت، إنما أثبت هذا لأسلطه على عدوّك، فهذه معجزتك إلى قومك، وآيتك على عدوّك.

ويقال: شتان بين نبيّنا- صلى الله عليه وسلم- وبين موسى عليه السلام رجع من سماع الخطاب وأتى بثعبان سلّطه على عدوّه، ونبينا- صلى الله عليه وسلم- رجع بعد ما أسرى به إلى السماء، وأوحى إليه ما أوحى- ليوافى أمّته بالصلاة التي هي المناجاة، وقيل له:

السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» .

قوله جل ذكره:

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٣٢]]

اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٣٢)

قيل له: اسلك يدك في جيبك لأنّ المدرعة التي كانت عليه لم يكن لها كم.

وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغى على المرء للوصول إلى مراده ومقصوده أن يتشمّر، وأن يجدّ،


(١) التحليل: الإباحة، والمقصود هنا أنه عقيب التسليم يحل له أن يخاطب الخلق وأن يشتغل بشىء بعد ما تمت مناجاته مع الحق، تلك المناجاة التي يؤثر القشيري دوامها واستمرارها. ومعلوم أن الصوفية إذا أنهوا صلاتهم يستمرون في الذكر والتأمل دون حدود. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>