للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما تطيب المنازل إذا خلت من الأجانب، وأطيب المساكن ما كانت زينتها بفقد الرّقباء وغيبتهم، فلمّا أهلك الله فرعون وقومه، وأورث بنى إسرائيل أموالهم وديارهم، ومحا عن جميعها آثارهم- طاب لهم العيش وطلعت عليهم شموس السعادة.

قوله جل ذكره:

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٤٤]]

وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤)

لم تكن حاضرا فتعرف ذلك مشاهدة، ولكنهم رأوا أنّ إخبارك عنهم بحيث لا يكذبك كتابهم. وبالضرورة عرفوا حالك، وكيف أنّك لم تعلم هذا من أحد، ولا قرأته من كتاب، لأنّك أمّيّ لا تحسن القراءة، وإذا فليس إخبارك إلا بتعريفنا إياك، واطلاعنا لك على ذلك.

ويقال: «وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ» : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا موسى، وكلّمناه، وخاطبناه في بابك وباب أمّتك، ولم تقدح غيبتكم في الحال، وكونى لكم خير من كونكم لكم.

ويقال: لمّا خاطب موسى وكلّمه سأله موسى: إنّى أرى في التوراة أمّة صفتهم كذا وكذا.. من هم؟ وسأل عن أوصاف كثيرة، وعن الجميع كان يجاب بأنّها أمة أحمد «١» ، فاشتاق موسى إلى لقائنا، فقال له: إنه ليس اليوم وقت ظهورهم، فإن شئت أسمعتك كلامهم، فأراد أن يسمع كلامنا، فنادانا وقال: يا أمة أحمد..، فأجاب الكلّ من أصلاب آبائهم، فسمع موسى كلامهم ولم يدركهم «٢» . والغنيّ إذا سأله فقير وأجابه لا يرضى بأن


(١) هكذا في ص وهي في م (أمة محمد) ، ونحسب أن الأرجح أن تكون أحمد طبقا للآية «ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه أحمد»
(٢) تنسب هذه الرواية إلى وهب (القرطبي ح ١٣ ص ٢٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>