للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا نخاف الأعراب على أنفسنا إن صدّقناك، وآمنّا بك، (لإجماعهم على خلافنا ولا طاقة لنا بهم) «١» فقال الله تعالى: وكيف تخافونهم وترون الله أظفركم على عدوّكم، وحكمنا بتعظيم بيتكم، وجعلنا مكة تجبى إليها ثمرات كل شىء من أقطار الدنيا؟

ويقال من قام بحقّ الله- سبحانه- سخّر له الكون بجملته، ومن اشتغل برعاية سرّه لله، وقام بحقّ الله، واستفرغ أوقاته في عبادة الله مكّن من التصرّف بهمته في مملكة الله فالخلق مسخّر له، والوقت طوع أمره، والحقّ- سبحانه- متول «٢» أيامه وأعماله يحقّق ظنّه، ولا يضيّع حقّه.

أمّا الذي لا يطيعه فيهلك في أودية ضلاله، ويتيه «٣» فى مفازات خزيه، ويبوء بوزر هواه.

قوله جل ذكره:

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٥٨]]

وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ (٥٨)

لم يعرفوا قدر نعمتهم، ولم يشكروا سلامة أحوالهم، وانتظام أمورهم، فهاموا في أودية الكفران على وجوههم، فخرّوا في أودية الصغار على أذقانهم، وأذاقهم الله من كاسات الهوان ما كسر خمار بطرهم فأماكنهم منهم خالية، وسقوفها عليهم خاوية، وغربان الدمار فيها ناعية.


(١) ما بين القوسين غير موجود في النص، ولكنها تتمه لسبب نزول الآية كما أورده الواحدي، حيث ذكر أن الآية نزلت في الحارث بن عثمان بن عبد مناف الذي قال النبي (ص) : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ولكن يمنعنا من اتباعك أنا نخاف.... إلخ (أسباب النزول الواحدي ص ٢٢٨) .
(٢) ومن هذا المنطلق يصدر القشيري رأيه فى (الولاية) وما يتصل بها من (الكرامة) .
(٣) هكذا في الأصل وهي تحمل معنيين: التكبّر، والضلال في الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>