للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا للأصاغر والعوام فتلك الدار الآخرة «نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ» كعلوّ فرعون «وَلا فَساداً» كفساد قارون «١» .

ويقال الزهاد لا يريدون في الأرض علوّا، والعارفون لا يريدون في الآخرة والجنة علوّا.

ويقال «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ» للعبّاد والزّهاد، وهذه الرحمة الحاضرة لأرباب الافتقار والانكسار.

قوله جل ذكره:

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٨٤]]

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤)

ثواب الحسنة في التضعيف، وأمر السيئة بناؤه على التخفيف.

والمؤمن- وإن كان صاحب كبائر- فسيئاته تقصر في جنب حسناته التي هي إيمانه ومعرفته.

قوله جل ذكره:

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٨٥]]

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨٥)

«لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ» : فى الظاهر إلى مكة.. وكان يقول كثيرا: «الوطن الوطن» «٢» ، فحقّق الله سؤله. وأمّا في السّرّ والإشارة فإنه «فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ» أي يسّر لك قراءة القرآن، والمعاد هو الوصف الذي كانت عليه روحك قبل حلول شجّك «٣» من ملادغات القرب ومطالعات الحقّ.


(١) أحسن القشيري إذ جعل وظيفة هذه الآية التعقيب على القصتين السابقتين فأبان تماسك الأسلوب القرآنى.
(٢) ولهذا يرى ابن عباس أن هذه الآية لا مكية ولا مدنية وإنما نزلت في الجحفة.
(٣) هكذا في النسختين، فإن صحت في النقل من الأصل فربما كان المقصود (ما أصابك من جراحات الحب) ، ويتأيد فهمنا بما يلى ذلك وربما كانت (شجنك) أي لوعة حبك- والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>