للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره:

[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٥١ الى ٥٢]

وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢)

أي لو رأيت ذلك لرأيت منظرا فظيعا، وأمرا عظيما إذا أخذهم بعد الإمهال فليس إلا الاستئصال.

«وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» إذا تابوا- وقد أغلقت الأبواب، وندموا- وقد تقطّعت الأسباب.. فليس إلا الحسرات والندم، ولات حين ندامة! كذلك من استهان بتفاصيل فترته، ولم يستفق من غفلته يتجاوز عنه مرة، ويعفى عنه كرّة، فإذا استمكنت منه القسوة وتجاوز سوء الأدب حدّ الغفلة، وزاد على مقدار الكثيرة «١» .. يحصل له من الحقّ ردّ، ويستقبله حجاب، وبعد ذلك لا يسمع له دعاء، ولا يرحم له بكاء، كما قيل:

فخلّ سبيل العين بعدك للبكا ... فليس لأيام الصفاء رجوع

قوله جل ذكره:

[[سورة سبإ (٣٤) : آية ٥٤]]

وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (٥٤)

التوبة يشتهونها في آخر الأمر وقد فات الوقت، والخصم يريد إرضاءه فيستحيى أن يذكر فى ذلك الوقت، وينسدّ لسانه ويعتقل فلا يمكنه أن يفصح بما في قلبه، ويودّ أن لو كان بينه وبين ما أسلفه بعد بعيد، ويتمنى أن يطيع فلا تساعده القوة، ويتمنى أن يكون له- قبل خروجه من الدنيا- نفس.. ثم لا يتفق.


(١) فى رأى القشيري: الثلاثة- آخر حد القلة، وأول حد الكثرة-.

<<  <  ج: ص:  >  >>