للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره:

[[سورة الصافات (٣٧) : آية ١٠٢]]

فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢)

«فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ» إشارة إلى وقت توطين القلب على الولد، رأى إبراهيم- عليه السلام- أنه يؤمر بذبح ابنه إسماعيل «١» ليلة التروية، وسميت كذلك لأنه كان يروّى فى ذلك طول يومه. هل هو حقّ أم لا «٢» ؟. ثم إنه رأى في الليلة التالية مثل ذلك فعرف أن رؤياه حق، فسمى يوم عرفة.

وكان إسماعيل ابن ثلاث عشرة سنة، ويقال إنه رأى ذلك في النوم ثلاث مرات «٣» :

أن اذبح ابنك، فقال لإسماعيل: «يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى؟» فقال إسماعيل: «يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ» : أي لا تحكم فيه بحكم الرؤيا، فإنها قد تصيب وقد يكون لها تأويل، فإن كان هذا أمرا فافعل بمقتضاه، وإن كان لها تأويل فتثبت «٤» ، فقد يمكنك ذبح ابنك كلّ وقت ولكن لا يمكنك تلافيه.

ويقال بل قال: أترك حديث الرؤيا واحمله على الأمر، واحمل الأمر على الوجوب، ثم احمله على الفور ولا تقصّر.

ويقال قال له: إن كان يطيب قلبك بأن تذبح ابنك لأجل الله فأنا يطيب قلبى أن يذبحنى أبى لأجل الله.


(١) اختلف الناس في الذبيح فقال قوم إنه إسحاق وآخرون إنه إسماعيل. وفريق ثالث يقول: الله أعلم به.
«وعن الأصمعى أنه قال: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح، فقال: يا أصمعى. أين عزب عنك عقلك! ومنى كان إسحاق بمكة؟ وإنما كان إسماعيل بمكة وهو الذي بنى البيت مع أبيه والمنحر بمكة» . اه أما إسحق فكان ببيت المقدس.
(٢) مع أن ابراهيم أخذ يتساءل بينه وبين نفسه عن ذلك إلا أنه من الثابت أن الرسل يأتيهم الوحى أيقاظا ورقودا، فقلوبهم لا تنام، قال صلى الله عليه وسلم: «إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا» .
(٣) لأجل ذلك سميت الأيام الثلاثة على التوالي يو التروية ويوم عرفة ويوم النحر.
(٤) هكذا في م وهي في ص (قبلت) ونحن نرجح (فتثبت) بدليل ما بعدها لأنه بعد الذبح يكون قد قضى الأمر. ويأسى ابراهيم إن كان ذلك غير المراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>