للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتسليمها إلى القتل فلا تدّخروها عن أمره، وهذا معنى قوله: «وَلا تَعْتَدُوا» وهو أن تقف حيثما أوقفت، وتفعل ما به أمرت.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٩١]]

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١)

يعنى عليكم بنصب العداوة مع أعدائى- كما أن عليكم إثبات الولاية والموالاة مع أوليائى- فلا تشفقوا «١» عليهم وإن كان بينكم واصد «٢» الرحم ووشائج القرابة.

«وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ» . أولا أخرجوا حبّهم وموالاتهم من قلوبكم، ثم (....) «٣» عن أوطان الإسلام ليكون الصغار جاريا عليهم.

قوله جل ذكره: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ.

والإشارة: أنّ المحنة التي ترد على القلوب من طوارق الحجب أشد من المحنة التي ترد على النفوس من بذل الروح، لأن فوات حياة القلب أشد من فوات حياة النّفس، إذ النفوس حياتها بمألوفاتها، ولكن حياة القلب لا تكون إلا بالله.

ويقال الفتنة أشد من القتل: أن «٤» تنأى عن الله أعظم من أن تنأى عن روحك وحياتك.

قوله جل ذكره: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ.

الإشارة منه: لا تشوش وقتك «٥» مع الله إذا كان بوصف الصفات بما تدخله على نفسك


(١) ووردت (فلا تشقوا) والمعنى والسياق يرفضانها رفضا قاطعا وقد صوبناها بما يتلاءم.
(٢) الواصد والآصد العهد. مثل الورث والإرث والوحد والأحد وربما كانت أواصر.
(٣) مشتبهة فى ص وربما كانت: ثم (أخرجوهم) .
(٤) وردت (تنقى) والمعنى والسياق يرفضانها رفضا قاطعا وقد صوبناها بما يتلاءم.
(٥) قال الدقاق- شيخ القشيري- فى تعريف الوقت: الوقت ما أنت فيه فإن كنت بالدنيا فوقتك الدنيا، وإن كنت بالعقبى فوقتك العقبى، وإن كنت بالسرور فوقتك السرور، وإن كنت بالحزن فوقتك الحزن.
ويعلّق القشيري على رأى أستاذه قائلا: يريد بهذا أن الوقت ما كان هو الغالب على الإنسان. ويقولون الصوفي ابن وقته يريدون بذلك أنه مشتغل بما هو أولى به فى الحال، قائم بما هو مطالب به فى الحين. وينبغى ألا يفرط العبد فيما يقتضيه حق الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>