للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابى إليكم بعد موتى بليلة ... ولم أدر أنى بعد موتى أكتب

قوله جل ذكره:

[[سورة الزمر (٣٩) : آية ٣٢]]

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢)

الإشارة فيه إلى من أشار إلى أشياء لم يبلغها، وادّعى وجود أشياء لم يذق شيئا منها، قال تعالى: «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ «١» » .

ويقال: لا بل هؤلاء هم الكفار، وأمّا المدّعى الذي لم يبلغ ما يدّعيه فليس يكذب على ربّه إنما يكذب على نفسه حيث ادّعى لها أحوالا لم يذقها ولم يجدها، فأمّا غير المتحقق الذي يكذب على الله فهو الجاحد والمبتدع الذي يقول في صفة الحقّ- سبحانه- ما يتقدّس ويتعالى عنه «٢» .

قوله جل ذكره:

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]

وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤)

الذي جاء بالصدق في أفعاله من حيث الإخلاص، وفي أحواله من حيث الصدق، وفي أسراره من حيث الحقيقة.

«ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ» : الإحسان- كما جاء في الخبر- أن تعبد الله كأنك تراه.

فمن كانت- اليوم- مشاهدته على الدوام كانت رؤيته غدا على الدوام، ومن لا فلا «٣» .


(١) آية ٦٠ من هذه السورة.
(٢) وإلى أمثال هؤلاء أشار القشيري في مستهل رسالته قائلا «.. ثم لم يرضوا بما تعاطوه من سوء الأفعال، حتى أشاروا إلى أعلى الحقائق والأحوال، وادّعوا أنهم تحرروا عن رق الاغلال، وتحققوا بحقائق الوصال، وأنهم قائمون بالحق تجرى عليهم أحكامه وهم محو، وأنهم كوشفوا بأسرار الأحدية وزالت عنهم أحكام البشرية، والقائل عنهم غيرهم إذا نطقوا ... » الرسالة ص ٣.
(٣) روى مسلم عن جابر ويبعث كل عبد على مامات عليه» ٦/ ٤٥٧ فيض القدير للمناوى «ومن كان مجالة لقى الله عليها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>