للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لم يسيروا في أقطار الأرض بنفوسهم، ويطوفوا مشارقها ومغاربها ليعتبروا بها فيزهدوا فيها؟ أو لم يسيروا بقلوبهم في الملكوت بجولان الفكر ليشهدوا أنوار التجلّى فيستبصروا بها؟

أو لم يسيروا بأسرارهم في ساحات الصمدية ليستهلكوا في سلطان الحقائق، وليتخّلصوا من جميع المخلوقات قاصيها ودانيها؟.

قوله جل ذكره:

[[سورة غافر (٤٠) : آية ٢٢]]

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢)

إن بنى من أهل السلوك قاصد لم يصل إلى مقصوده فليعلم أنّ موجب حجبه اعتراض خامر قلبه على بعض شيوخه في بعض أوقاته فإنّ الشيوخ بمحلّ السفراء للمريدين. وفي الخبر:

«الشيخ في قومه كالنبىّ في أمته» «١» .

قوله جل ذكره:

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٢٣ الى ٢٤]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤)

أكرم خلقه في وقته كان موسى عليه السلام، وأخسّ خلقه وأذلّهم في حكمه وأشدّهم كفرا كان فرعون فما قال أحد غيره: «ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي» «٢» .

فبعث الله- أخصّ عباده إلى أخسّ عباده، فقابله بالتكذيب، ونسبه إلى السّحر،


(١) يقول السهروردي في عوارفه: «وأخلاق المشايخ مهذبة بحسن الاقتداء برسول الله (ص) وهم أحق الناس بإحياء سنته في كل ما أمر وندب وأنكر وأوجب (ص ٢٩٣) عوارف المعارف، وفي موضع آخر يقول: «فليعلم المريد أن الشيخ عنده تذكرة من الله ورسوله وأن الذي يعتمده مع الشيخ عوض ما لو كان في زمن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ص ٢٨٥.
(٢) آية ٣٨ سورة القصص.

<<  <  ج: ص:  >  >>