للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا الخضراء بسببهم اغبرّت، ولا الغبراء لغيبتهم اخضرّت. لم يبق منهم عين ولا أثر، ولم يظهر من قبلهم على قلب أحد من عبادنا أثر. وكيف تبكى السماء لفقد من لم تستبشر به من قبل؟ بعكس المؤمن الذي تسرّ السماء بصعود عمله إليها، فإنها تبكى عند غيابه وفقده «١» .

قوله جل ذكره:

[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٣٠ الى ٣٢]

وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٢)

نجّاهم، وأقمى عدوّهم، وأهلكه.

«وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ ... » أي علمنا ما يحتقبون من أوزارهم «٢» ، فرفعنا- باختيارنا- من أقدارهم ما وضعه فعلهم وتدنسّهم بأوضارهم.

ويقال: «عَلى عِلْمٍ» منا بأحوالهم أنهم يؤثرون أمرنا على كل شىء.

ويقال: «عَلى عِلْمٍ» منا بمحبة قلوبهم لنا مع كثرة ذنوبهم فينا.

ويقال: «عَلى عِلْمٍ» منا بما نودع عندهم من أسرارنا، وما نكاشفهم به من حقائق حقّنا.

قوله جل ذكره:

[[سورة الدخان (٤٤) : آية ٣٣]]

وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣)

من مطالبته بالشكر عند الرخاء، والصبر عند الكدر والعناء «٣» .

قوله جل ذكره:

[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]

إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦)


(١) عن شريح الحضرمي: قال النبي (ص) : «ألا لا غربة على مؤمن، فما مات مؤمن في غربة غائبا عنه بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض» .
(٢) في ص (إنذارهم) والسياق يرفضها، والصواب ما في م.
(٣) لأن البلاء يكون بالنعمة والنقمة، قال تعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» .

<<  <  ج: ص:  >  >>