للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد انكشفوا عنك إذا مسّهم حرّ السلاح! فقال أبو بكر: أتظن أنّا نسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فبايعهم النبيّ صلى الله عليه وسلم على أن يقاتلوا وألا يهربوا «١» ، فأنزل الله تعالى:

«إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ» : أي عقدك عليهم هو عقد الله.

قوله جل ذكره: «يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» .

أي «يَدُ اللَّهِ» : فى المنة عليهم بالتوفيق والهداية «٢» : «فَوْقَ أَيْدِيهِمْ» بالوفاء حين بايعوك.

ويقال: قدرة الله وقوته في نصرة دينه ونصرة نبيّه صلى الله عليه وسلم فوق نصرهم لدين الله ولرسوله.

وفي هذه الآية تصريح بعين الجمع «٣» كما قال: «وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى» قوله جل ذكره: «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ» أي عذاب النكث عائد عليه.

«وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً» .

أي من قام بما عاهد الله عليه على التمام فسيؤتيه أجرا عظيما.

وإذا كان العبد بوصف إخلاصه، بعامل الله في شىء هو به متحقّق، وله بقلبه شاهد فإنّ الوسائط التي تظهرها أمارات التعريفات تجعله محوا في أسراره ... والحكم عندئذ راجع إلى الواحد- جلّ شأنه «٤» .


(١) قال جابر بن عبد الله بايعنا رسول الله (ص) تحت الشجرة على الموت وعلى ألا نفر فما نكث أحد منا البيعة إلّا جد بن قيس وكان مناففا اختبأ تحت بطن بعيره ولم يسر مع القوم.
(٢) نلاحظ أن القشيري هنا يؤول اليد حتى ينفى عن الله الاتصاف بالجارحة.
(٣) أنت حين بايعت أو حين رميت فأنت من حيث الظاهر تقوم بعمل وأنت في حال الفرق، ولكن الحقيقة أنه لا فاعل إلا الله فمنه التوفيق والسداد والإصابة.. وهذا هو حال الجمع. وبمقدار ما يكون العبد في منزلة التمكين وبعيدا عن التلوين يكون دنوه من حال الجمع، التي بعدها حال جمع الجمع.. ونبينا صلى الله عليه وسلم كان عندها إذ هو صلوات الله عليه محمول لا متحمل اى بربه لا بنفسه.
(٤) أي إذا أفضى العبد بشىء من العرفان عندئذ فيكون نطقة وما يظهر عليه من الله وبالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>