للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: إنها سدرة المنتهى. ويقال: فوق السماء السابعة. كتاب مرقوم فيه أعمالهم مكتوبة يشهده المقربون «١» من الملائكة.

[سورة المطففين (٨٣) : الآيات ٢٢ الى ٢٤]

إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤)

اليوم وغدا: اليوم في روح العرفان، وراحة الطاعة والإحسان، ونعمة الرضا وأنس القربة وبسط الوصلة. وغدا- فى الجنة وما وعدوا به من فنون الزلفة والقربة.

قوله تعالى: «عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ» أثبت النظر ولم يبيّن المنظور إليه لاختلافهم في أحوالهم فمنهم من ينظر إلى قصوره.

ومنهم من ينظر إلى حوره، ومنهم ومنهم.. ومنهم الخواصّ فهم على دوام الأوقات إلى الله- سبحانه- ينظرون.

قوله جل ذكره: «تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ» من نظر إليهم علم أنّ أثر نظره إلى مولاه ما يلوح على وجهه من النعيم فأحوال المحبّ شهود عليه أبدا. فإن كان الوقت وقت وصال فاختياله ودلاله، وسروره وحبوره، ونشاطه وانبساطه. وإن كان الوقت وقت غيبة وفراق فالشهود عليه نحوله وذبوله، وحنينه وأنينه، ودموعه وهجوعه.. وفي معناه قلت «٢» .

يا من تغيّر صورتى لمّا بدا ... - لجميع ما ظنوا بنا- تحقيق


(١) هكذا في ص وفي م (يشهد) بدون ضمير غائب، وحسب النسخة الأولى تكون عودة الضمير على الكتاب المرقوم، وحسب النسخة الثانية يكون الكلام مستمرا خصوصا ولم يبدأ كالعادة بعلامة نشعر ببدء الآية مثل:
قوله تعالى أو قوله جل ذكره.. أي: يشهد المقربون أن الأبرار لفى نعيم، ويتقوّى الرأى الأول بما قاله القشيري منذ قليل: إن الله يطلع بعض المقربين على أسرار خلقه بالقدر الذي يريده سبحانه، كذلك فإن السياق- على الفهم الثاني- يقتضى فتح همزة (إن الأبرار ... ) ولكنها مكسورة مما يدل على أن الكلام مستأنف- اللهم إلا إذا كانت يشهد بمعنى يقسم- فالشهادة ترد بمعنى القسم- كما مرّ من قبل ... وهمزة إن تكسر بعد القسم.
(٢) نسعد كثيرا جدا بهذا الشعر الذي صاغه القشيري، فهو شاعر مقلّ، ولكنه- كما هو واضح- رقيق دقيق.
وربما كان معنى النص الأول على هذا الترتيب: يا من تغيّر صورتى- لمّا بدا- تحقيق لجميع ما ظنوا بنا أي أن ما ظهر على أسرّتى من أشياء حاولت كتمانها قد حقّق ظنون الواشين والعاذلين.. فلا فائدة.. فالصبّ تفضحه عيونه! ونحسب أن ما قبل النص، وما يقصده النص الثاني يؤيدان تذوقنا على هذا النحو.

<<  <  ج: ص:  >  >>