للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتصام بحبله- سبحانه- التمسك بآثار الواسطة- العزيز صلوات الله عليه- وذلك بالتحقق والتعلّق بالكتاب والسّنّة.

ويصح أن يقال: الخواص يقال لهم «اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ» ، وخاص الخاص قيل لهم «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ» ، ولمن رجع عند سوانحه إلى اختياره واحتياله، أو فكرته واستدلاله، أو معارفه وأشكاله، والتجأ إلى ظل تدبيره، واستضاء بنور عقله وتفكيره «١» - فمرفوع عنه ظل العناية، وموكول إلى سوء حاله.

وقوله: «وَلا تَفَرَّقُوا» : التفرقة أشد العقوبات وهى قرينة الشرك.

وقوله: «وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً» . وكانوا أعداء حين كانوا قائمين بحظوظهم، معرّجين على ضيق البشرية، متزاحمين بمقتضى شحّ النفوس.

«فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» : بالخلاص من أسر المكونات، ودفع الأخطار عن أسرارهم، فصار مقصودهم جميعا واحدا فلو ألّف ألف شخص فى طلب واحد- فهم فى الحقيقة واحد.

«فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً» نعمته التي هى عصمته إياكم، إخوانا متّفقى القصد والهمة، متفانين عن حظوظ النّفس وخفايا البخل والشحّ.

«وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ» : بكونكم تحت أسر مناكم، ورباط حظوظكم وهواكم.


(١) واضح أن القشيري يرى أن الالتجاء إلى العقل والفكر كوسيلة للوصول يعد قاطعا من القواطع، لأن للعقل آفات- ذكرها القشيري فى مواضع مختلفة- تجعله غير جدير بأن يعتمد عليه العبد فى معرفة الحقائق العليا إن مهمة العقل عند هذا الباحث لا تتجاوز منطقة البداية- عند تصحيح الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>