للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرن طاعة الرسول صلوات الله عليه بطاعة نفسه تشريفا لقدره، وتخفيفا على الأمة حيث ردّهم إلى صحبة شخص من أنفسهم، فإنّ الجنس إلى الجنس أسكن.

قوله جل ذكره:

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٣٣]]

وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣)

معناه سارعوا إلى عمل يوجب لكم المغفرة، فتقسمت القلوب وتوهمت أن ذلك أمر شديد فقال صلّى الله عليه وسلّم: «الندم توبة» وإنما توجب المغفرة التوبة لأن العاصي هو الذي يحتاج إلى الغفران.

والناس فى المسارعة على أقسام: فالعابدون يسارعون بقدمهم فى الطاعات، والعارفون يسارعون بهممهم فى القربات، والعاصون يسارعون بندمهم بتجرّع الحسرات. فمن سارع بقدمه وجد مثوبته، ومن سارع بهممه وجد قربته، ومن سارع بندمه وجد رحمته.

ولمّا ذكر الجنة وصفها بسعة العرض، وفيه تنبيه على طولها لأن الطول فى مقابلة العرض، وحين ذكر المغفرة لم يذكر الطول والعرض، فقوم قالوا: المغفرة من صفات الذات وهى بمعنى الرحمة فعلى هذا فمغفرته حكمه بالتجاوز عن العبد وهو كلامه، وصفة الذات تتقدس عن الطول والعرض.

ومن قال: مغفرته من صفات فعله قال لكثرة الذنوب لم يصف الغفران بالنهاية، إشارة إلى استغراقه جميع الذنوب.

قوله جل ذكره:

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٣٤]]

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)

لا يدّخرون عن الله شيئا، ويؤثرونه على جميع الأشياء، ينفقون أبدانهم على الطاعات وفنون الأوراد والاجتهاد، وأموالهم فى إفشاء الخيرات وابتغاء القربات بوجوه الصدقات،

<<  <  ج: ص:  >  >>