للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرّر «١» عليهم الوعظ، وأكّد بمباينة الأعداء عليهم الأمر، إبلاغا فى الإنذار، وتغليظا فى الزجر، وإلزاما للحجة (....) «٢» موضع العذر.

قوله: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً» : توعّدهم على موالاتهم للكفار بما لم يتوعّد على غيره من المخالفات، لما فيه من إيثار الغير على المعبود وإيثار الغير على المحبوب من أعظم الكبائر فى أحكام الوداد. فإذا شغل من قلبه محلا- كان للمؤمنين- بالأغيار استوجب ذلك العقوبة فكيف إذا شغل محلا من قلبه- هو للحق- بالغير؟! والعقوبة التي توعّدهم بها أن يكلهم وما اختاروه من موالاة الكفار، وبئس البدل! كذلك من بقي (عن) «٣» الحق تركه مع الخلق فيتضاعف عليه البلاء للبقاء عن الحق والبقاء مع الخلق، وكلاهما شديد من العقوبة.

قوله جل ذكره:

[[سورة النساء (٤) : آية ١٤٥]]

إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥)

دلّت الآية على أنّ المنافق ليس بمستأمن لأنّ الإيمان ما يوجب الأمان، فالمؤمن يتخلّص بإيمانه من النار، فما يكون سبب وقوعه فى الدرك الأسفل من النار لا يكون إيمانا، ويقال هذا تحقيق قوله: «وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ» أي مكره فوق كل مكر. لمّا أظهر المنافق ما هو مكر مع المؤمنين كانت عقوبتهم أشد من عقوبة من جاهر «٤» بكفره.

ويقال نقلهم «٥» فى آجلهم «٦» إلى أشد ما هم عليه فى عاجلهم، لما فى الخبر: «من كان


(١) نعرف من مذهب القشيري أنه لا يميل إلى القول بالتكرار في القرآن الكريم، ولعل أبسط نتائج هذا المذهب أنه لا يرى فى البسملة التي تأنى فى مستهل كل سورة بلفظها- أي شىء من التكرار، بل هى عنده متجددة بما يتلاءم والسورة، لأجل هذا تستوقفنا هنا كلمة: «كرر» ونتدبر الأسباب القوية التي أرجع إليها التكرار.
(٢) مشتبهة.
(٣) وردت (من) ولكن المعنى يرفضها قطعا ويؤيد (عن) خصوصا وقد جاءت (عن) فى العبارة التالية التي هى بمثابة نتيجه للجزء الأول من الكلام. [.....]
(٤) وردت (جاهد) بالدال والصواب ان تكون (جاهر) بالراء فالمعنى يقتضى ذلك.
(٥) وردت هكذا (نقلهم) بنقطة محذوفة فوق الحرف الأول ثم ثلاث نقط فوق القاف وربما أراد الناسخ أن يحذف النقطة الثالثة فأخطا وحذف النقطة التي فوق النون.
(٦) وردت (أجلهم) والصواب (آجلهم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>