للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحالة لقى الله بها» فالمنافق- اليوم- فى الدرك الأسفل من الحجر «١» فكذلك ينقلون إلى الدرك الأسفل من النار. والدرك الأسفل من الحجر- اليوم- لهم ما عليهم من اسم الإيمان وليس لهم من الله شظية وهذا هو البلاء الأكبر.

ويقال استوجبوا الدرك الأسفل من النار لأنهم صحبوا اليوم اسم الله الأعظم لا على طريقة الحرمة. ويقال استوجبوا ذلك لأنهم أساءوا الأدب فى حال حضورهم بألسنتهم، وسوء الأدب يوجب الطرد.

قوله جل ذكره:

[[سورة النساء (٤) : آية ١٤٦]]

إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (١٤٦)

لم يشترط كل هذه الشرائط فى رجوع أحد عن جرمه ما اشترط فى رجوع المنافقين عن نفاقهم لصعوبة حالهم فى كفرهم. وبعد تحصيلهم هذه الشروط قال لهم: «فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ» ولم يقل من المؤمنين، وفى هذا إشارة أيضا إلى نقصان رتبتهم وإن تداركوا بإخلاصهم ما سبق من آفتهم، وفى معناه أنشدوا:

والعذر مبسوط ولكنما ... شتان بين العذر والشكر

ويقال إن حرف (مع) للمصاحبة، فإذا كانوا مع المؤمنين استوجبوا ما يستوجب جماعة المؤمنين، فالتوبة هاهنا أي رجعوا عن نفاقهم، وأصلحوا- بصدقهم فى إيمانهم، واعتصموا بالله بالتبرؤ من حولهم وقوتهم، وشاهدوا المنّة لله عليهم حيث هداهم، وعن نفاقهم نجّاهم.

قوله: «وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ» : ونجاتهم بفضل ربهم لا بإيمانهم فى الحال، ورجوعهم عن نفاقهم فيما مضى عليهم من الأحوال.

ويقال أخلصوا دينهم لله وهو دوام الاستعانة بالله فى أن يثبتهم على الإيمان، ويعصمهم عن الرجوع إلى ما كانوا عليه من النفاق.


(١) نرجح أنها (الهجر) بالهاء ويتأيد ذلك بقوله فيما بعد (ليس لهم من الله شظية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>