للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن «١» من تعملون «٢» له يرى ذلك ويعلمه منكم، وإن تعفوا عن سوء أي تتركوا ما تدعوكم إليه نفوسكم «٣» فالله يجازيكم بعفوه على ما تفعلون، وهو قادر على أن يبتليكم بما ابتلى به الظالم، فيكون تحذيرا لهم من أن يغفلوا عن شهود المنّة، وتنبيها على أن يستعيذوا أن يسلبوا العصمة، وأن يخذلوا حتى يقعوا فى الفتنة والمحنة.

ويقال إن تبدوا خيرا فتحسنوا إلى الناس، أو تخفوه بأن تدعوا لهم فى السرّ، أو تعفوا عن سوء إن ظلمتم.

ويقال من أحسن إليك فأبد معه خيرا جهرا، ومن كفاك شرّه فأخلص بالولاء والدعاء له سرّا، ومن أساء إليك فاعف عنه كرما وفضلا تجد من الله عفوه عنك عما ارتكبت، فإن ذنوبك أكثر، وهو قادر على أن يعطيك من الفضل والإنعام ما لا تصل إليه بالانتصاف من خصمك، وما تجده بالانتقام «٤» .

قوله جل ذكره:

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٥٠ الى ١٥١]

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٥١)

أخبر عنهم أنهم أضافوا إلى قبيح كفرهم ما عدّ من ذميم فعلهم، ثم بيّن أنه


(١) أخطا الناسخ فكتبها (باب) .
(٢) مستدركة في الهامش (تعلمون) لأنها فى المتن (تعلمون) والصواب ما جاء فى الهامش. [.....]
(٣) إشارة القشيري هنا فى حاجة منا إلى تدبر، فهو يبدأ أولا بالنفس، ثم ينتقل إلى الناس، ذلك لأنه حسب ما نعرف عنه يعتبر صراعك مع نفسك هو الميدان الأول الذي ينبغى أن تحارب فيه أهواءك وأطماعك ودعواك هى أعدى أعدائك، ثم تأتى من بعد ذلك علاقاتك خارج نفسك أي مع الناس.
(٤) واضح من هذا مقدار ما يتمتع به الصوفية من رحابة الصدر ولين الجانب وسماحة الطبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>