للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنت مخير فيما تريد فسواء أقبلت عليهم فحكمت أو أعرضت فرددت فالاختيار لك.

قوله: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» : الإقساط الوقوف على حدّ الأمر من غير (حنف) «١» إلى الحظ.

قوله جل ذكره:

[[سورة المائدة (٥) : آية ٤٣]]

وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣)

يعنى أنهم قارفوا الجحد، وأصرّوا على الغى، وتعودوا الإعراض عن الإيمان، فمتى تؤثّر فيهم دعوتك، وقد سدّت مسامعهم عن القبول، وطبع على قلوبهم سابق الحكم؟

قوله جل ذكره:

[[سورة المائدة (٥) : آية ٤٤]]

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٤٤)

يخبر أنه استحفظ بنى إسرائيل التوراة فحرّفوها، فلما وكل إليهم حفظها ضيّعوها.

وأمّا هذه الأمة فخصّهم بالقرآن، وتولّى- سبحانه- حفظه عليهم فقال: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» «٢» فلا جرم لو غيّر واحد حركة أو سكونا من القرآن لنادى الصبيان بتخطيئه.

قوله جل ذكره: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ.

إنّ الخلق تجرى عليهم أحكام القدرة وأقسام التصريف فالخشية منهم فرع من المحال، فإنّ من ليس له شظية من الإيجاد فأنّى تصحّ منه الخشية؟!


(١) حنف- ميل وليس بمستبعد أن تكون فى الأصل (حيف) إلى الحظ وكلاهما مقبول.
(٢) آية ٩ سورة الحجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>