للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخبر عن سالف سنته فى أبداء الأمم وما أوجب لمن أطاعه منهم من النعم والكرم، وما أحلّ بمن خالفه من الألم وفنون النّقم.

قوله جل ذكره:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]

فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)

يعنى أنهم لما أظلّهم البلاء، فلو رجعوا بجميل التضرع وحسن الابتهال والتملق لكشفنا عنهم المحن، ولأتحنا لهم المنن، ولكن صدّهم الخذلان عن العقبى فأصروا على تمردهم، فقست قلوبهم وتضاعفت أسباب شقوتهم.

قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يخبر عن خفىّ مكره بهم، وكيف أنه استدرجهم، ثم أذاقهم وبال أمرهم فقال: لما طالت عن الحضرة غيبتهم، ولم تنجح مواعظنا فيهم سهّلنا لهم أسباب العوافي وصببنا عليهم عزالى «١» النّعم، وفتحنا لهم أبواب الرفاهية، فلما استمكن الرجاء من قلوبهم أخذناهم بغتة وعذبناهم فجأة، وأذقناهم حسرة فإذا هم من الرحمة قانطون، ولما خامر قلوبهم- من أسباب الوحشة عن الاستراحة بدوام المناجاة- آيسون.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٤٥]]

فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥)

فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى لم يبق منهم عين ولا أثر، ولم يرد حديث منهم أو خبر،


(١) العزالي: يقال أنزلت السماء عزاليها إشارة إلى شدة وقع المطر

<<  <  ج: ص:  >  >>