للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد لا شريك له، ثم ترك الاعتماد ونفى الاستناد، لا على (حركاته) «١» يعتمد، ولا إلى سكناته يستند، (بل) «٢» ينتظر ما يفتح به التقدير، فإن زاغ صاحب الاستقامة لحظة، والتفت يمنة أو يسرة سقط سقوطا لا ينتعش.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٧]]

لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧)

دار السلام أي دار السلامة، ومن كان في رقّ شىء من (الأغراض) «٣» والمخلوقات لم يجد السلامة، وإنما يجد السلامة من تحرر عن رقّ المكوّنات، والآية تشير إلى أنّ القوم فى الجنة لكنهم ليسوا فى أسر الجنة، بل تحرروا من رقّ كل مكوّن.

ويقال من لم يسلّم- اليوم- على نفسه وروحه وكلّ ماله من كل كريمة وعظيمة تسليم وداع لا يجد- غدا- ذلك الفضل، فمن أراد أن يسلّم عليه ربّه- غدا- فليسلّم على (الكون) «٤» بجملته، وأولا على نفسه وروحه.

ويقال دار السلام غدا لمن سلم- اليوم- لسانه عن الغيبة، وجنانه عن الغيبة، وأبشاره وظواهره من الزّلّة، وأسراره وضمائره من الغفلة، وعقله من البدعة، ومعاملته من الحرام والشبهة، وأعماله من الرياء والمصانعة، وأحواله من الإعجاب.

ويقال شرف قدر تلك الدار لكونها فى محل الكرامة، واختصاصها بعندية الزّلفة، وإلا فالأقطار كلها ديار، ولكن قيمة الدار بالجار، قال قائلهم:

إنّى لأحسد دارا فى جواركم ... طوبى لمن أضحى لدارك جارا

يا ليت جارك يعطينى من داره شبرا ... إذا لأعطيه بشبر دارا»

ويقال: وإن كانت الدار منزهة عن قبول الجار، وليس القرب منه بتدانى الأقطار، فإطلاق هذا اللفظ لقلوب الأحباب مؤنس بل لو جاز القرب فى وصفه من حيث المسافة لم يكن لهذا


(١) وردت (حرقاته) والصواب أن تكون (حركاته) لتتلاءم مع (سكتاته) .
(٢) أضفنا (بل) ليتضح المعنى وهى غير موجودة فى النص.
(٣) (الأغراض) جمع غرض، وليس بمستبعدان تكون (الأعراض) بالعين جمع عرض، وكلاهما مقول.
(٤) وردت (السكون) وهى خطأ من الناسخ.
(٥) البيت الثاني مكسور ولكننا حرصنا على إثباته كما جاء فى النسخة.

<<  <  ج: ص:  >  >>