للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبير أثر، وإنما حياة القلوب بهذا، لأن حقيقته مقدسة عن هذه الصفات فهو لأجل قلوب الأحباب يطلق هذا ويقع العلماء فى كد التأويل، وهذا هو أمارة الحب، قال قائلهم:

أنا من أجلك حمّلت الأ ... ذى الذي لا أستطيع

قوله جل ذكره: وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ «١» .

هذا شرف قدر تلك المنازل حيث قال: «وَهُوَ وَلِيُّهُمْ» لأنه إذا كان- سبحانه- هو وليّهم فإنّ المنازل بأسرها طابت كيفما كانت، قال قائلهم:

أهوى هواها لمن قد كان ساكنها ... وليس فى الدار لى همّ ولا وطر

هو وليّهم فى دنياهم، ووليّهم فى عقباهم، هو وليهم فى أولاهم وفى أخراهم وليهم الذي استولى حديثه على قلوبهم، فلم يدع فيها لغيره نصيبا ولا سوى وليهم الذي هو أولى بهم منهم وليّهم الذي آثرهم على أضرابهم وأشكالهم فآثروه فى جميع أحوالهم وليهم الذي تطلب رضاهم، وليهم الذي لم (يكلهم) «٢» إلى هواهم، ولا إلى دنياهم، ولا إلى عقباهم.

وليهم الذي بأفضاله يلاطفهم، وبجماله وجلاله يكاشفهم.

وليّهم الذي اختطفهم عن كل حظ ونصيب، وحال بينهم وبين كل حميم وقريب، فحرّرهم عن كل موصوف ومطلوب ومحبوب، وليّهم الذي هو مؤنس أسرارهم.

مشاهده معتكف أبصارهم، وحضرته مرتع أرواحهم.

وليّهم الذي ليس لهم سواه، وليهم الذي لا يشهدون إلا إياه، ولا يجدون إلا إياه، لا فى بدايتهم يقصدون غيره، ولا فى نهايتهم يجدون غيره، ولا فى وسائلهم يشهدون غيره «٣» قوله جل ذكره:

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٨]]

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨)


(١) وقع الناسخ فى ثلاثة أخطاء كتابية ونقلية فى هذه الآية إذ كتبها (فهو وليهم اليوم بما كانوا يكسبون) إذ التبست عليه مع آية اخرى.
(٢) وردت (يكلمهم) بزيادة ميم وهى خطأ فى النسخ.
(٣) لاحظ هنا هذا الترتيب: قصود تم شهود تم وجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>