للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر بالدعاء إذن- فى التسلّى- لأرباب المحنة، فإنهم إلى أن يصلوا إلى كشف المحنة ووجود المأمول استروحوا إلى روح المناجاة فى حال الدعاء والدعاء نزهة لأرباب الحوائج، وراحة.

لأصحاب المطالبات، ومعجل من الأنس بما (....) «١» إلى القلب عاجل التقريب.

وما أخلص عبد فى دعائه إلا روّح- سبحانه- فى الوقت قلبه.

ويقال علّمهم آداب الدعاء حيث قال: «تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً» وهذا أدب الدعاء أن يدعوا بوصف الافتقار والانكسار ونشر الاضطرار. ومن غاية ما تقرر لديك نعت كرمه بك أنه جعل إمساكك عن دعائه- الذي لا بد منه- اعتداء منك.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٥٦]]

وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)

من الإفساد بعد الإصلاح إحمال النفس عن المجاهدات بخلع عذارها حتى تتبع هواها بعد ما كبحت لجامها مدة عن العدو فى ميدان الخلاف، ومن ذلك إرسال القلب فى أودية المنى بعد إمساكه على أوصاف الإرادة، ومن ذلك الرجوع إلى الحظوظ بعد القيام بالحقوق، ومن ذلك استشعار محبة المخلوق بعد تأكيد العقد معه بألا تحب سواه، ومن ذلك الجنوح إلى تتبع الرّخص فى طريق الطلب بعد حمل النّفس على ملازمة الأولى والأشق، ومن ذلك الانحطاط بحظّ إلى طلب مقام منه أو إكرام، بعد القيام معه بترك كل نصيب وفى الجملة: الرجوع من الأعلى إلى الأدنى إفساد فى الأرض بعد الإصلاح.

قوله جل ذكره: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.

يقال المحسنين عملا والمحسنين أملا، فالأول العابدون والثاني العاصون «٢» ويقال المحسن من كان حاضرا بقلبه غير لاه عن ربّه ولا ناسيا لحقّه.

ويقال المحسن القائم بما يلزم من الحقوق.


(١) مشتبهة.
(٢) تأمل كيف يفسح الصوفية صدورهم ويفتحون أبواب الأمل أمام العصاة

<<  <  ج: ص:  >  >>