للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه هارون صفيّه، فقوبلا بالتكذيب والجحود، فسلك بهم مسلك إخوانهم فى التعذيب والتبعيد.

قوله جل ذكره:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٠٤ الى ١٠٦]

وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٠٥) قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦)

الرجوع إلى دعاء فرعون إلى الله بعد سماع كلام الله بلا واسطة صعب شديد، ولكنه لمّا ورد الأمر قابله بحسن القبول، فلما ترك اختيار نفسه أيّده الحق- سبحانه- بنور التأييد حتى شاهد فرعون محوا فى التقدير فقال: «حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ» .

فإذا لم يصح له أن يقول على الخلق فالخلق محو فيما هو الوجود الأزلى فأىّ سلطان لآثار التفرقة فى حقائق الجمع؟

قوله: قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ: من المعلوم أن مجرّد الدعوى لا حجة فيه، ولكن إذا ظهر برهان لم يبق غير الانقياد لما هو الحق، فمن استسلم ( ... ) «١» ، ومن جحد الحقائق بعد لوح البيان سقط سقوطا لا ينتعش.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٠٧]]

فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (١٠٧)

إنما أظهر له المعجزة من عصاه لطول (مقارنته) «٢» إياها، فالإنسان إلى ما ألفه أسكن بقلبه. فلمّا رأى ما ظهر فى العصا من الانقلاب أخذ موسى عليه السّلام فى الفرار لتحققه بأن ذلك من قهر الحقائق، وفى هذا إشارة إلى أنّ السكون إلى شىء غرّة وغفلة (ايش) «٣»


(١) لا بد ان كلمة هنا سقطت من الناسخ مثل (سلم) او (نجا) او نحوهما. [.....]
(٢) (مقارنته) هنا معناها مصاحبته لها بدليل قوله فيما بعد (إلى ما ألفه) .
(٣) (إيش) هذه كلمة دارجة استعملها القشيري كثيرا فى رسالته ومعناها (اى شىء) .

<<  <  ج: ص:  >  >>