للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين هواجس النفس ووساوس الشيطان، ولهم أعين لا يبصرون بها شواهد التوحيد وعلامات اليقين فلا ينظرون إلا من حيث الغفلة، ولا يسمعون إلا دواعى الفتنة، ولا ينخرطون إلا مع سلك ركوب الشهوة.

«أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ» : لأنّ الأنعام قد رفع عنها التكليف، وإن لم يكن لها وفاق الشرع فليس منها أيضا خلاف الأمر.

والأنعام لا يهمّها إلا الاعتلاف، وما تدعو الحيلة من مباشرة الجنس، فكذلك من أقيم بشواهد نفسه وكان من المربوطين بأحكام النّفس، وفى معناه أنشدوا:

نهارك يا مغرور سهو وغفلة ... وليلك نوم والرّدى لك لازم

وسعيك فيها سوف تكره غبّه ... كذلك فى الدنيا تعيش البهائم

قوله جل ذكره:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٨٠]]

وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)

«١» سبحان من تعرّف إلى أوليائه بنعوته وأسمائه فعرّفهم أنه من هو، وبأى وصف هو، وما الواجب فى وصفه، وما الجائز فى نعته، وما الممتنع فى حقّه وحكمه فتجلى لقلوبهم بما يكاشفهم به من أسمائه وصفاته، فإن العقول محجوبة عن الهجوم بذواتها لما يصحّ إطلاقه فى وصفه، وإن كانت واقفة على الواجب والجائز والممتنع فى ذاته، فللعقل العرفان بالجملة، وبالشرع الإطلاق والبيان فى الإخبار، والقول فيما ورد به التوفيق يطلق، وما سكت عنه التوفيق يمنع. ويقال من كان الغالب عليه وصف من صفاته ذكره بما يقتضى هذا الوصف فمن كان مكاشفا بعطائه «٢» ، مربوط القلب بأفضاله فالغالب على قالته الثناء عليه بأنه الوهاب والبار والمعطى وما جرى مجراه. ومن كان مجذوبا عن شهود الإنعام، مكاشفا بنعت الرحمة


(١) أخطأ الناسخ إذ زاد واوا قبل (ما كانوا) والصواب بدونها. [.....]
(٢) وردت (بغطائه) بالغين والصواب ان تكون (بعطائه) بدليل (افضاله) و (الإنعام) فيما بعد فضلا عن الأسماء والصفات الإلهية المختارة (الوهاب والبار والمعطى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>