للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالذى يغلب على ذكره وصفه بأنه الرحمن والرحيم والكريم وما فى معناه. ومن سمت همّته عن شهود وجوده، واستهلك فى حقائق وجوده فالغالب على لسانه الحق. ولذلك فأكثر أقوال العلماء فى الإخبار عنه: «البارئ» لأنهم فى الترقي فى شهود الفعل إلى شهود الفاعل.

وأمّا أهل المعرفة فالغالب على لسانهم «الحق» لأنهم «١» مختطفون عن شهود الآثار، متحققون بحقائق الوجود.

ويقال إنّ الله- سبحانه- وقف الخلق بأسمائه فهم يذكرونها قالة، وتعزّز بذاته، والعقول- وإن صفت- لا تهجم على حقائق الإشراف، إذ الإدراك لا يجوز على الحق فالعقول عند بواده الحقائق متقنعة بنقاب الحيرة عند التعرض للإحاطة، والمعارف تائهة عند قصد الإشراف على حقيقة الذات، والأبصار حسيرة عند طلب الإدراك فى أحوال الرؤية، والحق سبحانه عزيز، وباستحقاق نعوت التعالي متفرّد «٢» .

قوله «وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» : الإلحاد هو الميل عن القصد، وذلك على وجهين بالزيادة والنقصان فأهل التمثيل زادوا فألحدوا، وأهل التعطيل نقصوا فألحدوا «٣» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٨١]]

وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١)

أجرى الحقّ- سبحانه- سنّته بألا يخلى البسيطة من أهل لها هم الغياث وبهم دوام الحق فى الظهور، وفى معناه قالوا:

إذا لم يكن قطب ... فمن ذا يديرها؟

فهدايتهم بالحق أنهم يدعون إلى الحق، ويدلون على الحق، ويتحركون بالحق، ويسكنون


(١) وردت (إليهم) ولا معنى لها فى السياق والصواب أن تكون (لأنهم) ،
(٢) يلح القشيري على هذا المعنى دائما فيقول فى تحديد العرفان (تنزه عن الدرك والوصول، ليس بين لخلق إلا عرفان الحقائق بنعت التعالي فى شهود أفعاله، فاما الوقوف على حقيقة إنيته فجلت الصمدية عن شراف عرفان عليه) اللطائف (م) ص ٣٩٨.
(٣) (لا تمثيل ولا تعطيل) هذا أصل من أصول المذهب الكلامى عند هذا الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>