للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الله بقلوبهم لما مسّهم طائف الشيطان، فإن الشيطان لا يقرب قلبا فى حال شهوده الله لأنه ينخنس عند ذلك. ولكن لكل صارم نبوة، ولكلّ عالم هفوة، ولكل عابد شدة، ولكل قاصد فترة، ولكل سائر وقفة، ولكل عارف حجبة، قال صلّى الله عليه وسلّم: «إنه ليغان على قلبى....» «١» أخبر أنه يعتريه ما يعترى غيره، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «الحدّة تعترى خيار أمتى» «٢» ، فأخبر أنّ خيار الأمة- وإن جلت رتبتهم لا يتخلصون عن حدّة تعتريهم فى بعض أحوالهم، فتخرجهم عن دوام الحلم.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٠٢]]

وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢)

إخوان الشيطان أرباب دوام الغيبة فهم فى كمال الغفلة تدوم بهم الحجبة فمنهم بالزّلّة من لم يلم، أو ألمّ ولكن لم يصرّ فهم خياره «٣» ، ومنهم من غفل واغترّ، وعلى دوام الغيبة أصرّ- فهم المحجوبون قطعا، والمبعدون «٤» - عن محلّ القرب- صدّا «٥» وردّا.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٠٣]]

وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣)


(١) «إنه ليغان على قلبى فاستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم مائة مرة» أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، وفى رواية لمسلم: «توبوا الى ربكم فو الله إنى لأتوب إلى ربى تبارك وتعالى فى اليوم مائة مرة» ويقول صاحب اللمع: الغين الذي كان يتوب منه الرسول مثله مثل المرآة إذا تنفس فيها الناظر فينقص من ضوئها ثم تعود إلى حالة ضوئها (اللمع ص ٤٥١)
(٢) قال (ص) (انى بشر أغضب كما يغضب البشر) الشيخان عن أبى هريرة وأحمد ومسلم عن جابر
(٣) من هذا يتضح مدى انفساح الأمل أمام العصاة، وكيف أن باب التوبة يتسع لآمالهم.
(٤) وردت المعبودون وهى خطأ فى النسخ.
(٥) وردت (صمد) وهى خطأ فى النسخ وقد تقدم معنى الصد والرد

<<  <  ج: ص:  >  >>