للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخبر- سبحانه- أنّ ما جرى يوم بدر من القتال، وما حصل من فنون الأحوال كان بحكم التقدير، لا بما يحصل من الخلق من التدبير، أو بحكم تقتضيه رويّة التفكير. بل لو كان ذلك على اختيار وتواعد، كنتم عن تلك الجملة على استكراه وتباعد، فجرى على ما جرى ليقضى الله أمرا كان مقضيّا، وحصل من الأمور ما سبق به التقدير.

قوله جل ذكره: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ.

أي ليضلّ من زاغ عن الحقّ بعد لزومه الحجبة، ويهتدى من أقام على الحقّ بعد وضوح الحجّة.

ويقال الحقّ أوضح السبيل ونصب الدليل، ولكن سدّ بصائر قوم عن شهود الرشد، وفتح بصائر آخرين لإدراك طرق الحق.

الهالك من وقع فى أودية التفرقة، والحىّ من حيى بنور التعريف.

ويقال الهالك من كان بحظّه مربوطا، والحىّ من كان من أسر كلّ نصيب مستلبا مجذوبا «١» .

قوله جل ذكره:

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]

إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤٣) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤)


(١) كلمة (مجذوب) بهذا الاستعمال قد تؤدى المعنى الذي تطلق به فى أوساط الصوفية اليوم

<<  <  ج: ص:  >  >>