للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموعظة للكافة.. ولكنها لا تنجع في أقوام، وتنفع فى آخرين فمن أصغى إليها بسمع سرّه اتضح نور التحقيق فى قلبه، ومن استمع إليها بنعت غيبته ما اتصف إلا بدوام حجبته.

ويقال الموعظة لأرباب الغيبة ليئوبوا، والشّفاء لأصحاب الحضور ليطيبوا.

ويقال «الموعظة» : للعوام، «والشفاء» : للخواص، «والهدى» لخاص الخاص، «والرحمة» لجميعهم، وبرحمته وصلوا إلى ذلك.

ويقال شفاء كلّ أحد على حسب دائه، فشفاء المذنبين بوجود الرحمة، وشفاء المطيعين بوجود النعمة «١» ، وشفاء العارفين بوجود القربة، وشفاء الواجدين بشهود الحقيقة.

ويقال شفاء العاصين بوجود النجاة، وشفاء المطيعين بوجود الدرجات، وشفاء العارفين بالقرب والمناجاة.

قوله جل ذكره:

[[سورة يونس (١٠) : آية ٥٨]]

قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)

«الفضل» : الإحسان الذي ليس بواجب على فاعله، «والرحمة» إرادة النعمة وقيل هى النعمة.

والإحسان على أقسام وكذلك النعمة، ونعم الله أكثر من أن تحصى.

ويقال الفضل ما أتاح لهم من الخيرات، والرحمة ما أزاح عنهم من الآفات.

ويقال فضل الله ما أكرمهم من إجراء الطاعات، ورحمته ما عصمهم به من ارتكاب الزّلات. ويقال فضل الله دوام التوفيق ورحمته تمام التحقيق.


(١) نعلم من مذهب القشيري أن (الرحمة) من أوصاف الذات، و (النعمة) من أوصاف الفعل..
فتامل كيف يرتبط مصير (المذنبين) بوصف من أوصاف ذاته، ولاحظ كيف يفتح الصوفية بذلك أبواب الأمل أمام التائبين. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>