للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما يئس من إجابتهم حين دعاهم إلى الله دعا عليهم بإنزال السّخطة وإذاقة الفرقة. ومن المعلوم أنّ الأنبياء- عليهم السلام- من حقهم العصمة، فإذا دعا موسى عليهم بمثل هذه الجملة لم يكن ذلك إلا بإذن من قبل الله تعالى فى الحقيقة.

قوله جل ذكره:

[[سورة يونس (١٠) : آية ٨٩]]

قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩)

الاستقامة فى الدعاء ترك الاستعجال فى حصول المقصود، ولا يسقط الاستعجال من القلب إلا بوجدان السكينة فيه، ولا تكون تلك السكينة إلا بحسن الرضاء بجميع ما يبدو من الغيب ويقال ينبغى للعبد أن يسقلّ بالله «١» ما أمكنه، فعند هذا يقلّ دعاؤه. ثم إذا دعاه بإشارة من الغيب- فى جوازه- فالواجب ألا يستعجل، وأن يكون ساكن الجأش.

ويقال من شرط الدعاء صدق الافتقار فى الابتداء، ثم حسن الانتظار فى الانتهاء، وكمال هذا الرضاء بجريان الأقدار بما يبدو من المسار والمضار.

ويقال الاستقامة فى الدعاء سقوط التقاضي «٢» على الغيب، والخمود عن الاستعجال بحسن الثقة، وجميل الظّن.

ويقال فى الآية تنبيه على أنّ للأمور آجالا معلومة، فإذا جاء الوقت فلا تأخير للمقسوم فى الوقت المعلوم.

قوله جل ذكره:

[[سورة يونس (١٠) : آية ٩٠]]

وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠)


(١) الاستقلال بالله الاكتفاء به وعدم النظر إلى النفس أو الأغيار. [.....]
(٢) التقاضي على الغيب معناه النظر إلى ما يأتى من الغيب بعين التقليل أو التكثير، البطء أو السرعة..
ففى ذلك إقحام لحظوظ النفس فى حقوق الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>