للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخطأ من وجهين: رأى الهلاك من الماء وكان من الله، ورأى النجاة والعصمة من الجبل وهما من الله، فقال له نوح: لا عاصم اليوم من أمر الله، قيل أراد لا معصوم اليوم من الله.

وقيل لا أحد يعصم أحدا من أمر الله، لكن من رحمه ربّه فهو معصوم من ذلك، وله عاصم وهو الله.

ولقد كان نوح- عليه السلام- مع ابنه فى هذه المخاطبات فجاءت أمواج الماء وحالت بينهما وصار من المغرقين، فلا وعظه ونصحه نفعاه، ولا قوله وتذكيره نجيّاه وخلّصاه.

ويقال احتمل أن لو قيل له يا نوح عرّفنا العالم بدعائك ولا عليك إن عرف.

قوله جل ذكره:

[[سورة هود (١١) : آية ٤٤]]

وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٤)

فلما غرق ابن نوح سكن الموج ونضب «١» الماء وأقلعت السماء، وكأنه كان المقصود من الطوفان أن يغرق ابن نوح- عليه السلام- وقيل:

عجبت لسعى الدهر بينى وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر

قوله جل ذكره:

[سورة هود (١١) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]

وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (٤٥) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٤٦)


(١) وردت (نصب) بالصاد، وهى خطأ فى النسخ، والمراد (نضب) الماء أي غار وانحسر، فهى ملائمة لإقلاع السماء أي إمساكها عن المطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>