للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلقاه من قومه من التكذيب، ففى سماع قصة الأشكال- وبعضهم من بعض- سلوة، ولقد قيل:

أجارتنا إنّا غريبان هاهنا ... وكلّ غريب للغريب نسيب

قوله جل ذكره:

[[سورة هود (١١) : آية ١١١]]

وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١)

أعاد ذكر الجزاء على الأعمال بالثواب والعقاب، وكرّر ذلك فى القرآن فى كثير من المواضع إبلاغا فى التحذير، وتنبيها على طريق الاعتبار بحسن التفكير.

ثم إن الجزاء على الأعمال معجّل ومؤجّل، وكلّ من أعرض عن الغفلة وجنح إلى وصف التيقظ وجد فى معاملاته- عاجلا- الربح لا الخسران، وآجلا الزيادة لا النقصان، وما يجده المرء فى نفسه أتمّ مما يدركه بعلمه بشواهد برهانه.

قوله جل ذكره:

[[سورة هود (١١) : آية ١١٢]]

فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢)

يحتمل أن تكون السين فى الاستقامة سين الطلب أي سل من الله الإقامة لك على الحقّ.

ويحتمل أن تكون الإقامة فى الأمر بمعنى أقام عليه.

وحقيقة الاستقامة على الطاعة المداومة على القيام بحقّها من غير إخلال بها، فلا يكون فى سلوك نهج الوفاق انحراف عنه.

ويقال المستقيم من لا ينصرف عن طريقه، يواصل سيره بمسراه، وورعه بتقواه، ويتابع فى ترك هواه.

ويقال استقامة النفوس فى نفى الزّلّة، واستقامة القلوب فى نفى الغفلة، واستقامة الأرواح بنفي العلاقة، واستقامة الأسرار بنفي الملاحظة «١» .

استقامة العابدين ألا يدخروا نفوسهم عن العبادة وألا يخلّوا بأدائها، ويقضون عسيرها ويسيرها. واستقامة الزاهدين ألا يرجوا من دنياهم قليلها ولا كثيرها. واستقامة التائبين


(١) تهمنا هذه العبارة عند تحديد الآفات التي تصيب الملكات الباطنة حسب مذهب القشيري.

<<  <  ج: ص:  >  >>