للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى التفسير أنه حفظ حرمة الرجل الذي اشتراه، وهو العزيز.

وفى الحقيقة أشار بقوله: «إِنَّهُ رَبِّي» إلى ربّه الحقّ تعالى: هو مولاى الحق تعالى، وهو الذي خلّصنى من الجب، وهو الذي جعل فى قلب العزيز لى محلّا كبيرا فأكرم مثواى فلا ينبغى أن أقدم على عصيانه- سبحانه- وقد غمرنى بجميل إحسانه.

ويقال إن يوسف عليه السلام قال لها: إن العزيز أمرنى أن أنفعه. «عَسى أَنْ يَنْفَعَنا» فلا أخونه فى حرمته بظهر الغيب.

ويقال لمّا حفظ حرمة المخلوق بظهر الغيب أكرمه الحقّ سبحانه بالإمداد بالعصمة فى الحال ومكّنه من مواصلتها فى المآل على وجه الحلال.

قوله جل ذكره:

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٢٤]]

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤)

ما ليس بفعل الإنسان مما يعتريه- بغير اختياره ولا بكسبه- كان مرفوعا لأنه لا يدخل تحت التكليف، فلم يكن «الهم» «١» منه ولا منها زلّة، وإنما الزلّة من المرأة كانت من حيث عزمت على ما همّت، فأمّا نفس الهمّ فليس مما يكسبه العبد.

ويقال اشتركا فى الهمّ وأفرد- يوسف عليه السلام- بإشهاده البرهان.

وفى تعيين ذلك البرهان- ما الذي كان؟ - تكلّف غير محمود إذ لا سبيل إليه إلا بالخبر المقطوع به.

وفى الجملة كان البرهان تعريفا من الحقّ إياه بآية من آيات صنعه، قال تعالى: «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» «٢» .


(١) واضح أن القشيري بهدف إلى نفى كل تهمة عن يوسف ولهذا يلجأ إلى تأويل لفظة «الهم» الذي اشترك فيه وامراة العزيز كما يعبر ظاهر اللفظ.
(٢) آية ٥٣ سورة فصلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>