للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان بنيامين بريئا مما رمى به من السرقة، فأنطقهم الله تعالى حتى رموا يوسف عليه السلام بالسرقة، واحد بواحد ليعلم العالمون أنّ الجزاء واجب.

ويقال كان القرح بالقدح أوجع ما سمعه يوسف منهم «١» حيث قالوا:

«إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ» فقد كان ذلك أشدّ تأثيرا فى قلبه من الجفاء الأول.

ويقال إذا حنق عليك الملك فلا تأمن غبّه- وإن طالت المدة- فإن يوسف عليه السلام حنق عليهم فلقوا فى المستأنف منه ما ساءهم من حبس أخيه، وما صاحبهم من الخجل من أبيهم.

قوله جل ذكره:

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٧٨]]

قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٧٨)

لم تنفعهم كثرة التّنصّل، وما راموا به من ذكر أبيهم ابتغاء التوسّل، ولم ينفعهم ما قيل منهم حين عرضوا عليه أن يأخذ أحدهم فى البدل.. كذلك فكلّ مطالب بفعل نفسه:

لا تزر وازرة وزر أخرى فلا الأب يؤخذ بدل الولد، ولا القريب يرضى به عوضا عن أحد لذلك قال يوسف عليه السلام:

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٧٩]]

قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ (٧٩)

توهموا أن الحديث معهم من حيث معاملة الأموال، فعرضوا أنفسهم كى يؤخذ واحد منهم بدل أخيهم، ولم يعلموا أن يوسف عليه السلام كادهم فى ذلك، وأنّ مقصوده من


(١) القرح- الجرح، والقدح- العيب فى عرض غيرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>