للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: فى مساءلة الأطلال أخذ لقلوب الأحباب، وسلوة لأسرارهم.. وهذا الباب مما للشرح فيه مجال.

قوله جل ذكره

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٨٣]]

قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣)

لجأ إلى قرب خلاصه من الضرّ بالصبر.

ويقال لما وعد من نفسه الصبر فلم يمس حتى قال: «يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ» ليعلم أنّ عزم الأحباب على الصبر منقوض غير محفوظ «١» .

قوله جل ذكره:

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٨٤]]

وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤)

تولّى عن الجميع- وإن كانوا أولاده- ليعلم أنّ المحبة لا تبقى ولا تذر.

ويقال أراد إخوة يوسف أن يكون إقبال يعقوب عليهم بالكليّة فأعرض، وتولّى عنهم، وفاتهم ما كان لهم، ولهذا قيل: من طلب الكلّ فاته الكلّ.

ويقال لم يجد يعقوب مساعدا لنفسه على تأسفه على يوسف فتولّى عن الجميع، وانفرد بإظهار أسفه، وفى معناه أنشدوا:

فريد عن الخلّان فى كل بلدة ... إذا عظم المطلوب قلّ المساعد

ويقال كان بكاء داود عليه السلام أكثر من بكاء يعقوب عليه السلام، فلم يذهب بصر داود وذهب بصر يعقوب لأن يعقوب عليه السلام بكى لأجل يوسف ولم يكن فى قدرة


(١) يوضح القشيري هذا المعنى فى رسالته حيث يقول: [واعلم أن الصبر على ضربين: صبر العابدين وصبر المحبين، فصبر العابدين أحسنه أن يكون محفوظا وصبر المحبين أحسنه أن يكون مرفوضا، وفى هذا المعنى سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول: أصبح يعقوب وقد وعد من نفسه- فصبر جميل- ثم لم يمس حتى قال. يا أسفا على يوسف] الرسالة ص ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>