للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ» ثم تعاندون بخفايا الدعاوى وتجحدون بما شام قلوبكم من فضيحات الخواطر وصريحات الزواجر.

«أَفَلا تَعْقِلُونَ» إن ذلك ذميم من الخصال وقبيح من الفعال.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٥]]

وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥)

الصبر فطم النفس عن المألوفات، والصلاة التعرّض لحصول المواصلات، فالصبر يشير إلى هجران الغير، والصلاة تشير إلى دوام الوقوف بحضرة الغيب، وإن الاستعانة بهما لخصلة شديدة إلا على من تجلّى الحق لسرّه فإن فى الخبر المنقول: «إن الله تعالى إذا تجلّى لشىء «١» خشع له» . وإذا تجلّى الحق، خفّ وسهل ما توقّى الخلق لأن التوالي للطاعات يوجب التكليف بموجب مقاساة الكلفة، والتجلي بالمشاهدات- بحكم التحقيق- يوجب تمام الوصلة ودوام الزلفة.

ويقال استعينوا بي على الصبر معى، واستعينوا بحفظي لكم على صلاتكم لى، حتى لا تستغرقكم واردات الكشف والهيبة، فلا تقدرون على إقامة الخدمة.

وإن تخفيف سطوات الوجود على القلب فى أوان الكشف حتى يقوى «٢» العبد على القيام بأحكام الفرق لمنّة عظيمة من الحق «٣» .

وأقسام الصبر كلها محمودة الصبر فى الله، والصبر لله، والصبر بالله والصبر مع الله إلا صبرا واحدا وهو الصبر عن «٤» الله:

والصبر يخسن فى المواطن كلها ... إلا عليك فإنه مذموم «٥»

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٦]]

الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦) .


(١) وردت بدون اللام، والأصح بها.
(٢) وردت حتى (يقول) وهى خطأ فى النسخ.
(٣) يشير القشيري بذلك إلى الفرق الثاني، ويعتبر أن من علامة قبول العبد عند ربه أن يساعده على الرجوع إلى هذا الفرق حتى يستطيع أداء ما عليه من فريضة
(٤) الأرجح أنها (على) بدليل ورودها فى البيت الشاهد، كذا في «الرسالة» فى سياق مماثل. [.....]
(٥) ورد البيت فى الرسالة هكذا (والصبر يجمل) و (فإنه لا يجمل) ص ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>