للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظن يذكر، ويقال المراد به اليقين، وهو الأظهر هاهنا.

ويذكر ويراد به الحسبان فمن ظنّ ظن يقين فصاحب وصلة.

ومن ظنّ ظن تخمين فصاحب فرقة. وملاقو ربهم، صيغة تصلح لماضى الزمان والحاضر وهم ملاقون ربهم فى المستقبل. ولكن القوم «١» لتحققهم بما يكون من أحكام الغيب صاروا كأن الوعد لهم تقرّر، والغيب لهم حضور.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٧]]

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧)

أشهد بنى إسرائيل فضل أنفسهم فقال: «وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ» .

وأشهد المسلمين من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم فضل نفسه فقال: «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا» «٢» .

فشتّان بين من مشهوده فضل نفسه، وبين من مشهوده فضل ربه فشهود العبد فضل نفسه يوجب له الشكر وهو خطر الإعجاب، وشهود العبد فضل الحق- الذي هو جلاله فى وصفه وجماله فى استحقاق نعته- يقتضى الثناء وهو يوجب الإيجاب «٣» .

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٤٨]]

وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)

العوام خوّفهم بأفعاله فقال: «وَاتَّقُوا يَوْماً» «وَاتَّقُوا النَّارَ» .

والخواص خوّفهم بصفاته فقال: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ» وقال:

«وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ ... إلى قوله إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً» «٤» .

وخاص الخاص خوّفهم بنفسه فقال: «وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ» .


(١) يقصد الصوفية.
(٢) سورة يونس آية ٥٨.
(٣) الإيجاب- الاستحقاق والقبول.
(٤) يونس آية ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>