للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوق ما تؤمّلون «١» ، وأعطيناكم أكثر مما ترجون «٢» ، قال تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» .

وقرأ بعض القراء «٣» : «مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ» فينوّن قوله: كل، ويجعل ما سألتموه (ما) للنفى أي كل شىء مما لم تسألوه.

كذلك جاز أن يكون المعنى، قل يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألونى- وهذا لأرباب الطاعات، وغفرت لكم قبل أن تستغفرونى- وهذا لأصحاب الزلات. علم قصور لسان العاصي وما يمنعه من الخجل وما يقبض على لسانه إذا تذكّر ما عمله من الزلّات، فأعطاه غفرانه، وكفاه حشمة السؤال، والتفضل فقال: غفرت لكم قبل أن تستغفرونى.

ولكن متى يخطر على قلب العبد ما أهّله الحق- سبحانه- من العرفان؟ وكيف يكون ذلك الحديث؟ .. قبل أن كان له إمكان، أو معرفة وإحسان، أو طاعة أو عصيان، أو عبادة وعرفان، أو كان له أعضاء وأركان، أو كان العبد شيخا أو عينا أو أثرا..

لا بل:

أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكّنا

قوله جل ذكره: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ كيف يكون شكركم كفاء نعمه..؟ وشكركم نزر يسير، وإنعامه وافر غزير.

وكيف تكون قطرة الشكر بجوار بحار الإنعام؟

إنّ نعمه علومكم عن تفصيلها متقاصرة، وفهومكم عن تحصيلها متأخّرة.


(١) وردت (تؤمنون) وهى- كما هو واضح- لا يستقيم بها السياق فآثرنا تؤملون.
(٢) وردت (ترجعون) وهى- كما هو واضح- لا يستقيم بها السياق فآثرنا ترجون.
(٣) لا يهتم القشيري بالقراءات إلا نادوا، وحيثما وجد فى ذلك مجالا لإشارة نافعة للصوفية

<<  <  ج: ص:  >  >>