للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ» أي ليشتغلوا بعبادتك، وأقم قومى- ما بقوا- بكفايتك، «وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ» : فإنّ من قام بحقّ الله أقام الله بحقّه قومه، واستجاب الله، دعاءه فيهم، وصارت القلوب من كل بر وبحر كالمجبولة على محبة تلك النسبة، وأولئك المتصلين به، وسكان ذلك البيت.

ويقال قوله: «بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ» : أي أسكنتهم بهذا الوادي حتى لا تتعلق بالأغيار قلوبهم، ولا تشتغل بشىء أفكارهم وأسرارهم فهم مطروحون ببابك، مصونون بحضرتك، مرتبطون بحكمك إن راعيتهم كفيتهم وكانوا أعزّ خلق الله، وإن أقصيتهم ونفيتهم كانوا أضعف وأذلّ خلق الله.

قوله جل ذكره:

[[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٨]]

رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٣٨)

استأثرت بعلم الغيب فلا يعزب عن علمك معلوم، وحالى لا تخفى عليك، فهى كما عرفت، أنت تعلم سرّى وعلني ... ومن عرف هذه الجملة استراح من طوارق الأغيار، واستروح قلبه عن ترجّم الأفكار، والتّقّسم في كون الحوادث من الأغيار.

قوله جل ذكره:

[[سورة إبراهيم (١٤) : آية ٣٩]]

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٩)

أسعده بمنحه الولد على الكبر، ويلتحق ذلك بوجه من المعجزات فحمد عليه.

ولمّا كان هذا القول عقيب سؤاله ما قدّم من ذكر نعمته- سبحانه- عليه، وإكرامه بأنواره، وهذا يكون بمعنى الملق «١» ، ويكون استدعاء نعمة بنعمة، فكأنه قال: كما أكرمتنى بهبة الولد على الكبر فأكرمنى بهذه الأشياء التي سألتها.

ويقال الإشارة فى هذا أنه قال: كما مننت علىّ فوهبتنى على الكبر هذه الأولاد


(١) الملق- الدعاء والتضرع (الوسيط) .

<<  <  ج: ص:  >  >>