للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه: يقال لهم: «ادْخُلُوها» ، وأجمل ذلك ولم يقل من الذي يقول لهم. ويرى قوم أن الملك يقول لهم: أدخلوها.

ويقال إذا وافوا الجنة وقد قطعوا المسافة البعيدة، وقاسوا الأمور الشديدة فمن حقّهم أن يدخلوا الجنة، خاصة وقد علموا أنّ الجنة مباحة لهم، ولعلهم لا يفقهون حتى يقال لهم ويقال يحتمل أنهم لا يدخلونها بقول الملك حتى يقول الحقّ: أدخلوها، كما قالوا:

ولا ألبس النّعمى وغيرك ملبس ... ولا أقبل الدنيا وغيرك واهب

قوله: «بِسَلامٍ آمِنِينَ» : بمعنى السلامة، وهى الأمان، فيأمنون أنهم لا يخرجون منها ويقال كما لا يخرجون من الجنة لا يخرجون عما هم عليه من الحال فالرؤية لهم وما هم فيه من الأحوال الوافية- مديدة.

قوله جل ذكره:

[[سورة الحجر (١٥) : آية ٤٧]]

وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧)

أمر الخليل عليه السلام ببناء الكعبة وتطهيرها فقال: «وَطَهِّرْ بَيْتِيَ» «١» ، وأمر جبريل عليه السلام حتى غسل قلب المصطفى- صلى الله عليه وسلم- فطهّره «٢» . وتولّى هو- سبحانه- بنفسه تطهير قلوب العاصين، فقال: «وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ» «٣» وذلك رفقا بهم، فقد يصنع الله بالضعيف ما يتعجّب منه القوى، ولو وكل تطهير قلوبهم إلى الملائكة لاشتهرت عيوبهم، فتولّى ذلك بنفسه رفقا بهم.

ويقال قال: «ما فِي صُدُورِهِمْ» ولم يقل ما فى قلوبهم لأن القلوب فى قبضته يقلبها، وفى الخبر: «قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن» : يريد بذلك قدرته، فاستعمل لفظ الإصبع لذلك توسعا. وقيل بين إصبعين أي نعمتين.

قوله جل ذكره: إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ قابل بعضهم بعضا بالوجه، وحفظ كلّ واحد عن صاحبه سرّه وقلبه، فالنفوس متقابلة


(١) آية ٢٦ سورة الحج.
(٢) أنظر كتاب (المعراج) للقشيرى ففيه تفصيل ذلك
(٣) عن على بن الحسين أن هذه الآية نزلت فى أبى بكر وعمر وعلى رضى الله عنهم وأن الغل غل الجاهلية الذي كان بين تيم وعد وبنى هاشم فلما أسلموا تحابوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>