للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد بناته من صلبه، عرضهن عليهم لئلا يلمّوا بتلك الغلطة الفحشاء، فلم تنجع فيهم نصيحة، ولم يقلعوا عن خبيث قصدهم.

فأخبره الملائكة ألا يخاف عليهم، وسكنوا من روعه حين أخبروه بحقيقة أمرهم، وأنهم إنما أرسلوا للعقوبة.

قوله جل ذكره:

[[سورة الحجر (١٥) : آية ٧٢]]

لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)

أقسم بحياته تخصيصا له فى شرفه، وتفضيلا له على سائر البرية، فقال وحياتك- يا محمد- إنهم لفى ضلالتهم وسكرة غفلتهم يتردّون، وإنهم عن شركهم لا يقلعون.

ويقال أقسم بحياته لأنه لم يكن فى وقته حياة أشرف من حياته- إنهم فى خمار سكرهم، وغفلة ضلالتهم لا يترقبون عقوبة، ولا يخافون سوءا.

قوله جل ذكره:

[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٧٣ الى ٧٥]

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)

باتوا فى حبور وسرور، وأصبحوا فى محنة وثبور، وخرّت عليهم سقوفهم، وجعلنا مدنهم ومنازلهم عاليها سافلها، وأمطرنا عليهم من العقوبة مالم يبق عينا ولا أثرا، إنّ فى ذلك لعبرة لمن اعتبر، ودلالة ظاهرة لمن استبصر، «وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ» لمن شاء أن يعتبر قوله جل ذكره: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ «١» جاء فى التفسير «المتفرسين» ، والفراسة خاطر يحصل من غير أن يعارضه ما يخالفه عند ظهور برهان عليه، فيخرج من القلب عين ما يقع لصاحب الفراسة. مشتق من فريسة


(١) أخر الناسخ تفسير هذه الآية عند النقل فوضعها بعد الآية ٨٦ (إن ربك هو الخلاق العليم) وقد صححنا هذا الوضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>