للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا بيّن الله صدق ما ورد به الشرع فى الآخرة بكشف الغيب زاد افتضاح أهل التكذيب فيكون فى ذلك زيادة لهم فى التعذيب.

قوله جل ذكره:

[[سورة النحل (١٦) : آية ٤٠]]

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠)

فيكون بالسمع علم تعلّق قوله بما يفعله. وحمله قوم على أن معناه أنه لا يتعسّر عليه فعل شىء أراده، فالآية على القولين جميعا.

والذي لا يحتاج فى فعله إلى مادة يخلق منها لا يفتقر إلى مدة يقع الفعل فيها.

وتدل الآية على أنّ قوله ليس بمخلوق إذ لو كان مخلوقا لكان مقولا له: كن، وذلك القول يجب أن يكون مقولا له بقول آخر ... وهذا يؤدى إلى أن يتسلسل ما يحصل إلى ما لا نهاية له «١» .

قوله جل ذكره:

[[سورة النحل (١٦) : آية ٤١]]

وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١)

من هاجر عن أوطان السوء- فى الله- أبدل له الله فى جوار أوليائه ما يكون له فى جوارهم معونة على الزيادة فى صفاء وقته. ومن هجر أوطان الغفلة مكّنه الله من مشاهد الوصلة. ومن فارق مجالسة المخلوقين، وانقطع بقلبه إليه- سبحانه- باستدامة ذكره- فكما فى الخبر: «أنا جليس من ذكرنى» . وبداية هؤلاء القوم نهاية أهل الجنة ففى الخير «الفقراء الصابرون جلساء الله يوم القيامة» . ويقال القلب مظلوم من جهة النّفس لما تدعوه إليه من شهواتها، فإذا هجرها أورث الله القلب أؤطان النّفس حتى تنقاد لما يطالب به القلب


(١) كلام الله ليس بمخلوق- هذا أصل عام من أصول المذهب الأشعري الذي يعد القشيري من أعظم أنصاره. وقد ناقش هذه القضية بإسهاب فى كتابه القيم: «شكاية أهل السنة بحكاية ما نالهم من المحنة» . وانظر أيضا كتابنا (الإمام القشيري: تصوفه وأدبه- فصل: القشيري متكلما) :

<<  <  ج: ص:  >  >>