للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزق الشباب وسكره، ولم يعطّله عجز المشيب وضعفه، بل هو صاح استفاق عن سكره، وبقيت له- بعد «١» - نضارة من عمره.

قوله جل ذكره:

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٦٩ الى ٧٠]

قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠)

كما كان يأخذ لونها الأبصار فالإشارة منها أن من كان من أهل القصة «٢» يستغرق شاهده القلوب لما ألبس من رداء الجبروت، وأقيم به من شاهد الغيب «٣» حتى أن من لاحظه تناسى أحوال البشرية، واستولى عليه ذكر الحق، كذا فى الخبر المنقول: أولياء الله الذين إذا رأوا ذكر الله (....) «٤»

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٧١]]

قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (٧١)

«٥» كما أن تلك البقرة لم يذللها العمل، ولم تبتذل فى المكاسب، لا لون فيها يخالف عظم لونها فالإشارة منه أن أهل الولاية «٦» الذين لم يتبذلوا بالأغيار لتحصيل ما طلبوا من الأسباب، ولم يركنوا بقلوبهم إلى الأشكال والأمثال، ولم يتكلوا على الاختيار والاحتيال، وليسوا نهبا لمطالبات المنى، ولا صيدا فى مخلب الدنيا، ولا حكم للشهوات عليهم، ولا سلطان للبشرية تملّكهم، ولم يسعوا قط فى تحصيل مرادهم، ولم يشقوا لدرك بغيتهم، وليس عليهم رقم الأغيار، ولا سمة الأسباب- فهم قائمون بالله، فانون عما سوى الله، بل هم محو، مصرّفهم الله. والغالب- على قلوبهم- الله.

وكما أن معبودهم الله كذلك مقصودهم الله.


(١) ربما صحت على هذا ويكون المعنى ما زالت فيه بقية من نضارة عمره، ويحتمل أن تكون فى الأصل (بعض) ويكون المعنى وبقيت له بعض نضارة من عمره.
(٢) يقصد أهل التصوف.
(٣) وردت (الغير) ولا معنى لها هنا لأن شهود الغيب هو الذي يحدث ذلك الأثر.
(٤) فى (ص) علامات تدل على أن الكلام مبتور، ونرجح أن (ذاكر) بدل (ذكر) .
(٥) أخطأ الناسخ عند كتابة هذه اللفظة من الآية الكريمة حيث وردت (قال) الآية ٧٠ من سورة البقرة.
(٦) فى ص (ولاية) بدون تعريف والأصح بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>