للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعاء إلى سبيل الله بحثّ «١» الناس على طاعة الله، وزجرهم عن مخالفة أمر الله.

والدعاء بالحكمة ألا يخالف بالفعل ما يأمر به الناس بالنطق.

والموعظة الحسنة ما يكون صادرا عن علم وصواب، ولا يكون فيها تعنيف.

«وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» : بالحجة الأقوى، والطريقة الأوضح. قال تعالى: «وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ» «٢» : فشرط الأمر بالمعروف استعمال ما تأمر به، والانتهاء عما تنهى عنه «٣» .

قوله جل ذكره:

[سورة النحل (١٦) : الآيات ١٢٦ الى ١٢٧]

وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧)

إذا جرى عليكم ظلم من غيركم وأردتم الانتقام.. فلا تتجاوزوا حدّ الإذن بما هو فى حكم الشرع.

«وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ» : فتركتم الانتصاف لأجل مولاكم فهو خير لكم إن فعلتم ذلك.

والأسباب التي قد يترك لأجلها المرء الانتصاف مختلفة فمنهم من يترك ذلك طمعا فى الثواب غدا فإنه أوفر وأكثر، ومنهم من يترك ذلك طمعا فى أن يتكفّل الله بخصومه، ومنهم من يترك ذلك لأنه مكتف بعلم الله تعالى بما يجرى عليه، ومنهم من يترك ذلك لكرم نفسه، وتحرّره عن الأخطار ولاستحبابه العفو عند الظّفر، ومنهم من لا يرى لنفسه حقا، ولا يعتقد أنّ لأحد هذا الحق فهو على عقد إرادته بترك نفسه فملكه مباح ودمه هدر. ومنهم من ينظر إلى خصمه- أي المتسلط عليه- على أنّ فعله جزاء على ما عمله هو من مخالفة أمر الله، قال تعالى: «وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ» «٤» . فاشتغاله باستغفاره عن جرمه يمنعه عن انتصافه من خصمه.

قوله جل ذكره: وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ


(١) وردت (بحيث) وهى خطأ فى النسخ.
(٢) آية ٨٨ سورة هود.
(٣) أي تكون أنت قدوة فيما تدعو إليه من أوامر وما تنهى عنه من زواجر. [.....]
(٤) آية ٣٠ سورة الشورى.

<<  <  ج: ص:  >  >>