للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا غاية التهديد، وفيه إشارة وبيان بألا مراء ولا تفويت، ولو، أخّر عقوبة قوم فإن ذلك إمهال لا إهمال، ومكر واستدراج لا إنعام وإكرام.

وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ: أي افعل ما أمكنك، فلا تأثير لفعلك فى أحد، فإنّ المنشئ والمبدع هو الله.. وهذا غاية التهديد.

قوله جل ذكره:

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٦٥]]

إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً (٦٥)

السلطان الحجة، فالآية تدل على العموم «١» ، ولا حجة للعذر على أحد، بل الحجة لله وحده.

ويقال السلطان هو التّسلّط، وليس لإبليس على أحد تسلط إذ المقدور بالقدرة الحادثة لا يخرج عن محل القدرة الإلهية، فالحادثات كلها تحدث بقدرة الله فلا لإبليس ولا لغيره من المخلوقين تسلط من حيث التأثير فى أحد، وعلى هذا أيضا فالآية للعموم.

ويقال أراد بقوله: «عِبادِي» الخواص من المؤمنين الذين هم أهل الحفظ والرحمة والرعاية من قبل الله فإن وساوس الشيطان لا تضرّهم لالتجائهم إلى الله، ودوام استجارتهم بالله، ولهذا فإن الشيطان إذا قرب من قلوب أهل المعرفة احترق بضياء معارفهم.

ويقال إنّ فرار «٢» الشيطان من المؤمنين أشدّ من فرار المؤمنين، من الشيطان.

والخواص من عباده هم الذين لا يكونون فى أسر غيره، وأمّا من استعبده هواه،


(١) العموم هنا معناها الكافة أي الخواص وغير الخواص.
(٢) وردت (قرار) بالقاف وهى خطأ فى النسخ كما هو واضح من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>