للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرض لهن منكم أو من غيركم. ولا لاضطرارهن إلى البذل من شكاسة أخلاقكم وسوء معاشرتكم. فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً أي فخذوه وتصرفوا فيه تملكا. وتخصيص الأكل بالذكر لأنه معظم وجوه التصرفات المالية. وهنيئا مريئا: صفتان من (هنؤ الطعام ومرؤ) إذا كان سائغا لا تنغيص فيه. وقيل: الهنيء ما أتاك بلا مشقة ولا تبعة.

والمريء حميد المغبة. وهما عبارة عن التحليل والمبالغة في الإباحة وإزالة التبعة.

لأنهن كالرجال في التصرفات والتبرعات.

[تنبيه:]

قال بعض المفسرين: للآية ثمرات: منها أنه لا بد في النكاح من صداق.

ومنها أنه حق واجب للمرأة كسائر الديون. ومنها أن لها أن تتصرف فيه بما شاءت.

ولم تفصل الآية بين أن تقبضه أم لا. ولذا قال بعض الفقهاء: لها بيع مهرها قبل قبضه. ولبعضهم: لا تبيعه حتى تقبضه، كالملك بالشراء. ومنها أنه يسقط عن الزوج بإسقاطها مع طيب نفسها. وقد رأى شريح إقالتها إذا رجعت، واحتج بالآية.

روى الشعبيّ أن امرأة جاءت مع زوجها شريحا في عطية أعطتها إياه. وهي تطلب الرجوع. فقال شريح: رد عليها. فقال الرجل أليس قد قال الله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ؟ فقال: لو طابت نفسها عنه لما رجعت فيه. وروي عنه أيضا أقيلها فيما وهبت ولا أقيله. لأنهن يخدعن. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى قضاته: أن النساء يعطين رغبة ورهبة. فأيما امرأة أعطته ثم أرادت أن ترجع فذلك لها. نقله الرازيّ.

أقول: ما رآه شريح وروي عن عمر، هو الفقه الصحيح والاستنباط البديع. إذ الآية دلت على ضيق المسلك في ذلك ووجوب الاحتياط. حيث بني الشرط على طيب النفس. ولم يقل: فإن وهبن لكم، إعلاما بأن المراعى هو تجافي نفسها عن الموهوب طيّبة. وبرجوعها يظهر عدم طيب نفسها. وذلك بيّن.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٥]]

وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥)

وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>